مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ] (وَإِذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا تَرَكَهُ أَبَدًا) لِأَنَّهُ نَفَى الْفِعْلَ مُطْلَقًا فَعَمَّ الِامْتِنَاعُ ضَرُورَةَ عُمُومِ النَّفْيِ (وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فَفَعَلَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً بَرَّ فِي يَمِينِهِ) لِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ فِعْلٌ وَاحِدٌ غَيْرُ عَيْنٍ، إذْ الْمَقَامُ مَقَامُ الْإِثْبَاتِ فَيَبَرُّ بِأَيِّ فِعْلٍ فَعَلَهُ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِوُقُوعِ الْيَأْسِ عَنْهُ وَذَلِكَ بِمَوْتِهِ أَوْ بِفَوْتِ مَحَلِّ الْفِعْلِ.
أَنَّهُ وَجْهٌ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ عُرْفًا إلَخْ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَدْلُولًا لَهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ إخْرَاجَهَا لَيْسَ إلَّا مِنْ النَّفْيِ، وَحَاصِلُهُ إخْرَاجُ جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمِائَةِ مِنْ عَدَمِ الْمِلْكِ، فَلَوْ صَحَّ كَانَ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ خَمْسِينَ مِنْ مِلْكِهِ فَكَانَ يَحْنَثُ فَلَيْسَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ إلَّا وَجْهَ الْعُرْفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَعْطَى زَيْدًا مِائَةً مَثَلًا فَقَالَ زَيْدٌ: لَمْ يُعْطِنِي إلَّا خَمْسِينَ فَقَالَ: إنْ كُنْت أَعْطَيْته إلَّا مِائَةً فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْأَقَلِّ، وَكَذَا إذَا اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَقَالَ: لِي عَلَيْهِ مِائَةٌ وَقَالَ الْآخَرُ: خَمْسُونَ فَقَالَ: إنْ كَانَ لِي عَلَيْهِ إلَّا مِائَةٌ فَهَذَا لِنَفْيِ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِيَمِينِهِ الرَّدَّ عَلَى الْمُنْكَرِ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ كُنْتُ أَمْلِكُ إلَّا خَمْسِينَ فَمَلَكَ عَشَرَةً لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهَا بَعْضُ الْمُسْتَثْنَى، وَلَوْ مَلَكَ زِيَادَةً عَلَى الْخَمْسِينَ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَالِ الزَّكَاةِ حَنِثَ وَإِلَّا لَا؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَالِي صَدَقَةٌ يَنْصَرِفُ إلَى مَالِ الزَّكَاةِ أَوْ حَلَفَ مَا لِي مَالٌ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِمَالِ الزَّكَاةِ. وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: لَوْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَهُ عُرُوضٌ وَضِيَاعٌ وَدُورٌ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ لَمْ يَحْنَثْ، وَالْمَسْأَلَةُ تَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ] أَيْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ فَتَكُونُ الْإِشَارَةُ لِأَمْرٍ حَاضِرٍ فِي الذِّهْنِ أَوْ تَأَخَّرَ وَضْعُ التَّرْجَمَةِ عَنْ وَضْعِ الْمَسَائِلِ فَتَكُونُ الْإِشَارَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَادَ تَقَدُّمُ التَّرْجَمَةِ، فَإِنَّ مِنْ عَادَةِ الْمُصَنِّفِينَ أَنْ يَذْكُرُوا لِمَا شَذَّ عَنْ الْأَبْوَابِ هَذِهِ التَّرْجَمَةَ وَنَحْوَهَا (قَوْلُهُ: وَإِذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا تَرَكَهُ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ نَفَى الْفِعْلَ فَعَمَّ الِامْتِنَاعُ) فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ الْمُسْتَقْبِلَةِ (ضَرُورَةَ عُمُومِ النَّفْيِ) لِلْفِعْلِ الْمُتَضَمِّنِ لِلْمَصْدَرِ النَّكِرَةِ فَلَوْ وُجِدَ مَرَّةً لَمْ يَكُنْ النَّفْيُ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ ثَابِتًا (وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا بَرَّ بِالْفِعْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ فِعْلٌ وَاحِدٌ غَيْرُ عَيْنٍ، إذْ الْمَقَامُ مَقَامُ الْإِثْبَاتِ فَيَبَرُّ بِأَيِّ فِعْلٍ فَعَلَهُ) سَوَاءٌ كَانَ مُكْرَهًا فِيهِ أَوْ نَاسِيًا أَصِيلًا أَوْ وَكِيلًا عَنْ غَيْرِهِ، وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ لَا يُحْكَمْ بِوُقُوعِ الْحِنْثِ حَتَّى يَقَعَ الْيَأْسُ عَنْ الْفِعْلِ (وَذَلِكَ بِمَوْتِ الْحَالِفِ) قَبْلَ الْفِعْلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِالْكَفَّارَةِ (أَوْ بِفَوْتِ مَحِلِّ الْفِعْلِ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ زَيْدًا أَوْ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ فَمَاتَ زَيْدٌ أَوْ أَكَلَ الرَّغِيفَ قَبْلَ أَكْلِهِ فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ، هَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً كَمَا أَرَيْنَاك، فَلَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً مِثْلُ لَآكُلَنَّهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ سَقَطَتْ بِفَوَاتِ مَحِلِّ الْفِعْلِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ عِنْدَهُمَا عَلَى مَا سَلَفَ فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute