(بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ)
وَالْأُصْبُعَيْنِ عَيْبَانِ وَالْأَصَابِعُ مَعَ الْكَفِّ عَيْبٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ قَبِلَ فِي الثَّوْبِ بِعُيُوبِهِ يَبْرَأُ مِنْ الْخُرُوقِ وَتَدْخُلُ الرُّقَعُ وَالرَّفْوُ، وَلَوْ تَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ سِنٍّ سَوْدَاءَ تَدْخُلُ الْحَمْرَاءُ وَالْخَضْرَاءُ، وَمِنْ كُلِّ قُرْحٍ تَدْخُلُ الْقُرُوحُ الدَّامِيَةُ، وَفِي الْمُحِيطِ: أَبْرَأْتُك مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِعَيْنِهِ فَإِذَا هُوَ أَعْوَرُ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ عَدِمَهَا لَا عَيْبٌ بِهَا، وَلَوْ قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٌ إلَّا إبَاقَهُ بَرِئَ مِنْ إبَاقِهِ، وَلَوْ قَالَ الْإِبَاقُ فَلَهُ الرَّدُّ بِالْإِبَاقِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لِي قِبَلَك دَخَلَ الْعَيْبُ هُوَ الْمُخْتَارُ دُونَ الدَّرَكِ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ بِهِ عَيْبٌ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِانْتِفَاءِ الْعُيُوبِ، حَتَّى لَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا رَدَّهُ، وَلَوْ عَيَّنَ فَقَالَ لَيْسَ بِآبِقٍ صَحَّ إقْرَارُهُ، وَلَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ أَوْ يَحُطَّ دِينَارًا جَازَ.
وَلَوْ دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لِيَرُدَّ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ رِبًا وَزَوَالُ الْعَيْبِ يُبْطِلُ الصُّلْحَ فَيَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ مَا بَذَلَ أَوْ حَطَّ إذَا زَالَ، وَلَوْ زَالَ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَرُدُّهُ، وَلَوْ صَالَحَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِدِرْهَمٍ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ بِهِ عَيْبًا؛ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك الْعُيُوبَ لَمْ يَجُزْ، وَحَذْفُ الْحُرُوفِ أَوْ نَقْصُهَا أَوْ النُّقَطُ أَوْ الْإِعْرَابُ فِي الْمُصْحَفِ عَيْبٌ، وَلَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحُطَّ كُلَّ عَشَرَةٍ وَيَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ بِمَا وَرَاءَ الْمَحْطُوطِ وَرَضِيَ الْأَجْنَبِيُّ بِذَلِكَ جَازَ وَجَازَ حَطُّ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ؛ وَلَوْ قَصَّرَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ فَإِذَا هُوَ مُتَخَرِّقٌ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَدْرِيَ تَخَرَّقَ عِنْدَ الْقَصَّارِ أَوْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَاصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَقْبَلَهُ الْمُشْتَرِي وَيَرُدَّ عَلَيْهِ الْقَصَّارُ دِرْهَمًا وَالْبَائِعُ دِرْهَمًا جَازَ، وَكَذَا لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَقْبَلَهُ الْبَائِعُ وَيَدْفَعَ لَهُ الْقَصَّارُ دِرْهَمًا وَيَتْرُكَ الْمُشْتَرِي دِرْهَمًا قِيلَ هَذَا غَلَطٌ، وَتَأْوِيلُهُ أَنْ يَضْمَنَ الْقَصَّارُ أَوَّلًا لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ يَدْفَعُ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ لِلْبَائِعِ.
وَفِي الْمُجْتَبَى: أَدْخَلَ الْمُشْتَرِي الْقَدُومَ فِي النَّارِ أَوْ حَدَّ الْمِنْشَارَ أَوْ حَلَبَ الشَّاةَ أَوْ الْبَقَرَةَ لَمْ يُرَدَّ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمُصَرَّاةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَفِي الْمُصَرَّاةِ يَرُدُّ بِقِلَّةِ اللَّبَنِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَزُفَرَ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: وَالْمُصَرَّاةُ شَاةٌ وَنَحْوُهَا سُدَّ ضَرْعُهَا لِيَجْتَمِعَ لَبَنُهَا لِيَظُنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا كَثِيرَةُ اللَّبَنِ فَإِذَا حَلَبَهَا لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا عِنْدَنَا، وَهَلْ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ؟ فِي رِوَايَةِ الْكَرْخِيِّ لَا، وَفِي رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ يَرْجِعُ لِفَوَاتِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ بَعْدَ حُدُوثِ زِيَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ، وَقِيلَ لَوْ اُخْتِيرَتْ هَذِهِ لِلْفَتْوَى كَانَ حَسَنًا لِغُرُورِ الْمُشْتَرِي بِالتَّصْرِيَةِ، وَلَوْ اغْتَرَّ بِقَوْلِ الْبَائِعِ هِيَ حَلُوبٌ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ يَرْجِعُ فَكَذَا هُنَا، وَلَوْ وَقَفَ الْأَرْضَ أَوْ جَعَلَهَا مَسْجِدًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ امْتَنَعَ الرَّدُّ، وَالرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ، وَلَوْ اشْتَرَى ضَيْعَةً مَعَ غَلَّاتِهَا فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً رَدَّهَا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ إنْ جَمَعَ غَلَّاتِهَا فَهُوَ رِضًا، وَإِنْ تَرَكَهَا يَزْدَادُ الْعَيْبُ فَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ،
الْبَيْعُ جَائِزٌ وَغَيْرُ جَائِزٍ، وَالْجَائِزُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: بَيْعُ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ وَهُوَ السَّلَمُ، وَبَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ وَهُوَ الْمُقَايَضَةُ، وَبَيْعُ الْعَيْنِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ. وَغَيْرُ الْجَائِزِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: بَاطِلٌ وَفَاسِدٌ وَهُوَ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ الْخَمْرُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمَعْلُومُ كَالسَّمْنِ فِي اللَّبَنِ، وَغَيْرُ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ كَالْآبِقِ وَمَوْقُوفٌ. حَصَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ: بَيْعُ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ الْمَحْجُورَيْنِ: أَيْ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى وَالْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ، وَبَيْعُ غَيْرِ الرَّشِيدِ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْقَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute