للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الشِّرْكَةِ

(الشِّرْكَةُ جَائِزَةٌ) «لِأَنَّهُ بُعِثَ وَالنَّاسُ يَتَعَامَلُونَ بِهَا فَقَرَّرَهُمْ عَلَيْهِ»،

الْأُمُّ السُّدُسَ وَالزَّوْجَةُ الثُّمُنَ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَيِّتًا أَخَذَتْ الْأُمُّ الثُّلُثَ أَوْ حَيًّا أَخَذَتْ السُّدُسَ وَالزَّوْجَةُ الثُّمُنَ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَيِّتًا أَخَذَتْ الرُّبُعَ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

كِتَابُ الشِّرْكَةِ

هُوَ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ فِي الْمَعْرُوفِ. أَوْرَدَ الشِّرْكَةَ عَقِيبَ الْمَفْقُودِ لِتَنَاسُبِهِمَا بِوَجْهَيْنِ: كَوْنُ مَالِ أَحَدِهِمَا أَمَانَةً فِي يَدِ الْآخَرِ، كَمَا أَنَّ مَالَ الْمَفْقُودِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْحَاضِرِ.

وَكَوْنُ الِاشْتِرَاكِ قَدْ يَتَحَقَّقُ فِي مَالِ الْمَفْقُودِ كَمَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ وَلَهُ وَارِثٌ آخَرُ وَالْمَفْقُودُ حَيٌّ، وَهَذِهِ مُنَاسَبَةٌ خَاصَّةٌ بَيْنَهُمَا. وَالْأُولَى عَامَّةٌ فِيهِمَا. وَفِي الْآبِقِ وَاللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ عَلَى اعْتِبَارِ وُجُودِ مَالٍ مَعَ اللَّقِيطِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْمَفْقُودَ عَلَيْهَا وَأَوْلَاهُ الْإِبَاقَ لِشُمُولِ عَرَضِيَّةِ الْهَلَاكِ كُلًّا مِنْ نَفْسِ الْمَفْقُودِ وَالْآبِقِ. وَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ تَخَيَّلَ أَنَّ عَرَضِيَّةَ الْهَلَاكِ لِلْمَالِ فَقَالَ: لِأَنَّ الْمَالَ عَلَى عَرَضِيَّةِ التَّوَى. وَحَاصِلُ مَحَاسِنِ الشِّرْكَةِ تَرْجِعُ إلَى الِاسْتِعَانَةِ فِي تَحْصِيلِ الْمَالِ.

وَالشِّرْكَةُ لُغَةً: خَلْطُ النَّصِيبَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا، وَمَا قِيلَ إنَّهُ اخْتِلَاطُ النَّصِيبَيْنِ تَسَاهَلَ، فَإِنَّ الشِّرْكَةَ اسْمُ الْمَصْدَرِ، وَالْمَصْدَرُ الشِّرْكُ مَصْدَرُ شَرِكْت الرَّجُلَ أُشْرِكُهُ شِرْكًا، فَظَهَرَ أَنَّهَا فِعْلُ الْإِنْسَانِ وَفِعْلُهُ الْخَلْطُ. وَأَمَّا الِاخْتِلَاطُ فَصَفْقَةٌ تَثْبُتُ لِلْمَالِ عَنْ فِعْلِهِمَا لَيْسَ لَهُ اسْمٌ مِنْ الْمَادَّةِ، وَلَا يُظَنُّ أَنَّ اسْمَهُ الِاشْتِرَاكُ لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِعْلُهُمَا أَيْضًا مَصْدَرُ اشْتِرَاكِ الرَّجُلَانِ افْتِعَالٌ مِنْ الشَّرِكَةِ، وَيُعَدَّى إلَى الْمَالِ بِحَرْفِ " فِي " فَيُقَالُ اشْتَرَكَا فِي الْمَالِ: أَيْ حَقَّقَا الْخَلْطَ فِيهِ، فَالْمَالُ مُشْتَرَكٌ فِيهِ: أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ اشْتِرَاكُهُمَا: أَيْ خَلْطُهُمَا. وَرُكْنُهَا فِي شَرِكَةِ الْعَيْنِ اخْتِلَاطُهُمَا، وَفِي شَرِكَةِ الْعَقْدِ اللَّفْظُ الْمُفِيدُ لَهُ.

هَذَا وَيُقَالُ الشَّرِكَةُ عَلَى الْعَقْدِ نَفْسُهُ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْخَلْطِ، فَإِذَا قِيلَ شَرِكَةُ الْعَقْدِ بِالْإِضَافَةِ فَهِيَ إضَافَةٌ بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ إلَى آخِرِهِ) قِيلَ شَرْعِيَّتُهَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُولِ. أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ﴾ وَهَذَا خَاصٌّ بِشَرِكَةِ الْعَيْنِ دُونَ الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ الَّذِي هُوَ شَرِكَةُ الْعَقْدِ، وقَوْله تَعَالَى ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ﴾ أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِكِينَ لَا يَنُصُّ عَلَى جَوَازِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّهُ حِكَايَةُ قَوْلِ دَاوُد إخْبَارًا لِلْخَصْمَيْنِ عَنْ شَرِيعَتِهِ إذْ ذَاكَ فَلَا يَلْزَمُ اسْتِمْرَارُهُ فِي شَرِيعَتِنَا.

وَأَمَّا السُّنَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>