للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا كَانَ مَوْصُولًا بِهِ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ثِنْتَانِ فَيَقَعَانِ وَفِي الثَّانِي وَاحِدَةٌ، فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ: إلَّا ثَلَاثًا يَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ فَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ

الثَّلَاثُ ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ. وَأَصْلُهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَصَرُّفٌ فِي اللَّفْظِ أَوَّلًا، وَيُسْتَتْبَعُ الْحُكْمُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ لَا فِي الْحُكْمِ ابْتِدَاءً، فَلَوْ أَوْقَعَ أَكْثَرَ مِنْ الثَّلَاثِ ثُمَّ اسْتَثْنَى كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْكُلِّ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا ثَلَاثًا تَقَعُ وَاحِدَةً، أَوْ عَشَرَةً إلَّا تِسْعَةً طَلُقَتْ وَاحِدَةً، أَوْ خَمْسًا إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ الثَّلَاثُ.

وَفِي الْمُنْتَقَى: طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إلَّا أَرْبَعًا فَهِيَ ثَلَاثٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَوْلُهُ وَثَلَاثًا فَاصِلًا لَغْوًا فَاسْتَثْنَى الْأَكْثَرَ فَيَقَعُ الْكُلُّ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَأَنَّهُ قَالَ: سِتًّا إلَّا أَرْبَعًا. وَمَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَنْوِي، فَإِنْ قَالَ عَنِيت ثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّلَاثِ الْأَخِيرَةِ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَإِلَّا فَلَا خَارِجَ عَنْ قَانُونِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ النِّيَّةَ، كَذَلِكَ الْحَلْوَانِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا فِي الْمُنْتَقَى.

وَلَوْ قَالَ: طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ طُولِبَ بِالْبَيَانِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ طَلُقَتْ وَاحِدَةً فِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى ثِنْتَانِ، وَمَا قِيلَ إنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ تُنَاسِبُ أَصْلَ أَبِي يُوسُفَ، يَعْنِي فِي مَنْعِ إخْرَاجِ الْأَكْثَرِ فَمِمَّا لَا يَنْبَغِي لِأَنَّ تِلْكَ رِوَايَةٌ عَنْهُ لَا ظَاهِرُ مَذْهَبِهِ. نَعَمْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ تُنَاسِبُ تِلْكَ الرِّوَايَةَ. وَجْهُ الصَّحِيحِ أَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا يَقَعُ بِالشَّكِّ فَتَقَعُ وَاحِدَةً. .

[فَرْعٌ]

إخْرَاجُ بَعْضِ التَّطْلِيقَةِ لَغْوٌ بِخِلَافِ إيقَاعِهِ. فَلَوْ قَالَ: طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: ثِنْتَانِ لِأَنَّ التَّطْلِيقَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فِي الْإِيقَاعِ فَكَذَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا وَاحِدَةً. وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي الْإِيقَاعِ إنَّمَا لَا يَتَجَزَّأُ لِمَعْنًى فِي الْمَوْقِعِ وَهُوَ لَمْ يُوجَدْ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَيَتَجَزَّأُ فِيهِ فَصَارَ كَلَامُهُ عِبَارَةً عَنْ تَطْلِيقَتَيْنِ وَنِصْفٍ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا

(بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَلَاقِ الصَّحِيحِ بِأَقْسَامِهِ مِنْ التَّنْجِيزِ وَالتَّعْلِيقِ وَالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ وَكُلًّا وَجُزْءًا شَرَعَ فِي بَيَانِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ إذْ الْمَرَضُ مِنْ الْعَوَارِضِ، وَتَصَوُّرُ مَفْهُومِهِ ضَرُورِيٌّ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ فَهْمَ الْمُرَادِ مِنْ لَفْظِ الْمَرَضِ أَجْلَى مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>