لِوُجُودِ الْمِسَاسِ، وَلَوْ نَزَعَ ثُمَّ أَوْلَجَ صَارَ مُرَاجِعًا بِالْإِجْمَاعِ لِوُجُودِ الْجِمَاعِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
(فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ)
وَاحِدٌ، وَقَدْ كَانَ أَوَّلُهُ غَيْرَ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ فَلَا يَكُونُ آخِرُهُ مُوجِبًا لَهُ، وَذَلِكَ بِالنَّظَرِ إلَى اتِّحَادِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ.
وَإِذَا امْتَنَعَ الْحَدُّ وَجَبَ الْمَهْرُ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْبَضْعِ الْمُحْتَرَمِ لَا يَخْلُو عَنْ حَدٍّ زَاجِرٍ أَوْ مَهْرٍ جَابِرٍ، وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رَجْعِيًّا يَصِيرُ مُرَاجَعًا بِاللَّبَاثِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِوُجُودِ الْمِسَاسِ بِشَهْوَةٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ.
وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ بِتَعَرُّضِ لِلْبَضْعِ عَلَى مَا مَرَّ فَلَمْ يُوجَبْ سَبَبٌ مُسْتَأْنَفٌ لِلرَّجْعَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْرَجَهُ ثُمَّ أَدْخَلَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُرَاجَعًا بِالْإِجْمَاعِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، فَإِنْ لَبِثَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَنْزِعْ وَجَبَ مَهْرَانِ مَهْرٌ بِالْوَطْءِ وَمَهْرٌ بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْنِفْ الْإِدْخَالَ لِأَنَّ دَوَامَهُ عَلَى ذَلِكَ فَوْقَ الْخَلْوَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَهُوَ بَيَانٌ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا أَنَّ مَا بَعْدَهَا لَمْ يَرِدْ بِحُكْمِ الصَّدْرِ، وَهَذَا يَشْمَلُ الْمُتَّصِلَ وَالْمُنْقَطِعَ حَدًّا اسْمِيًّا لِمَفْهُومِ لَفْظِ اسْتِثْنَاءٍ اصْطِلَاحًا عَلَى أَنَّهُ مُتَوَاطِئٌ، وَعَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْإِخْرَاجِ لِبَعْضِ الْجِنْسِ مِنْ الْحُكْمِ مَجَازٌ فِيهِ لِبَعْضِ غَيْرِهِ، يُرَادُ الْكَائِنُ بَعْضُ الْجِنْسِ فِي الْمُتَّصِلِ وَيُقَيَّدُ بِغَيْرِهِ فِي الْمُنْقَطِعِ.
وَالْأَوْجَهُ كَوْنُ الْخِلَافِ فِي أَنَّ إلَّا حَقِيقَةٌ فِي الْإِخْرَاجِ لِبَعْضِ الْجِنْسِ مِنْ الْحُكْمِ فَقَطْ، وَفِيهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ أَيْضًا بِالتَّوَاطُؤِ وَالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ فَإِنَّهُ أَفْيَدُ، بِخِلَافِ مَعْنَى لَفْظِ اسْتِثْنَاءٍ فَإِنَّهُ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ بَلْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَأُلْحِقَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالتَّعْلِيقِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي مَنْعِ الْكَلَامِ مِنْ إثْبَاتِ مُوجَبِهِ، إلَّا أَنَّ الشَّرْطَ يَمْنَعُ الْكُلَّ وَالِاسْتِثْنَاءَ الْبَعْضَ، وَقَدَّمَ مَسْأَلَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ لِمُشَابَهَتِهَا الشَّرْطَ فِي مَنْعِ الْكُلِّ، وَذَكَرَ أَدَاةَ التَّعْلِيقِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَهْيَعَةٍ لِأَنَّهُ مَنْعٌ لَا إلَى غَايَةٍ، وَالشَّرْطُ مَنْعٌ إلَى غَايَةِ تَحَقُّقِهِ كَمَا يُفِيدُهُ: أُكْرِمُ بَنِي تَمِيمٍ إنْ دَخَلُوا، وَلِذَا لَمْ يُورِدْهُ فِي بَحْثِ التَّعْلِيقَاتِ، وَلَفْظُ الِاسْتِثْنَاءِ اسْمٌ تَوْقِيفِيٌّ، قَالَ تَعَالَى ﴿وَلا يَسْتَثْنُونَ﴾
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute