تَعَالَى وَالصَّحِيحُ مَا أَعْلَمْتُك مِنْ التَّفْصِيلِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
بَابُ الْفَوَاتِ
(وَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ)؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ وَقْتَ الْوُقُوفِ يَمْتَدُّ إلَيْهِ (وَعَلَيْهِ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى وَيَتَحَلَّلَ وَيَقْضِيَ الْحَجَّ مِنْ قَابِلٍ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ)؛ لِقَوْلِهِ ﵊ «مَنْ فَاتَهُ عَرَفَةُ بِلَيْلٍ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَلْيَحِلَّ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» وَالْعُمْرَةُ لَيْسَتْ إلَّا الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ،
عَنْ الْمُحْرِمِ يُحْصَرُ بِالْحَرَمِ فَقَالَ: لَا يَكُونُ مُحْصَرًا، فَقُلْت: أَلَيْسَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُحْصِرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ مِنْ الْحَرَمِ؟ فَقَالَ: إنَّ مَكَّةَ كَانَتْ يَوْمَئِذٍ دَارَ الْحَرْبِ، وَأَمَّا الْيَوْمُ فَهِيَ دَارُ الْإِسْلَامِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِحْصَارُ فِيهَا. قَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ: إذَا غَلَبَ الْعَدُوُّ عَلَى مَكَّةَ حَتَّى حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَهُوَ مُحْصَرٌ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ قَوْلُ الْكُلِّ. وَفِيهِ أَنَّ الْحُدَيْبِيَةَ مِنْ الْحَرَمِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّهَا مِنْ الْحِلِّ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّ بَعْضَهَا مِنْ الْحَرَمِ، وَلَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَعْنَى إذَا لَاحَظْتَ تَعْلِيلَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَبِمُلَاحَظَتِهِ أَيْضًا يَتَّضِحُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَمْلِ مَنْعِهِ الْإِحْصَارَ بِالْحَرَمِ عَلَى مَا بِالْعُذْرِ، إذْ لَا يَخْفَى إمْكَانُ تَحَقُّقِ الْعَجْزِ عَنْ الذَّهَابِ إلَى مَكَّةَ بِشِدَّةِ الْمَرَضِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِضْرَارِ بِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ مَعَ الْمَرَضِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[تَقْسِيمٌ] الْمُتَحَلِّلُ قَبْلَ أَعْمَالِ مَا أَحْرَمَ بِهِ إمَّا مُحْصَرٌ أَوْ فَائِتُ الْحَجِّ أَوْ غَيْرُهُمَا، وَتَحَلَّلَ الْأَوَّلُ فِي الْحَالِ بِالدَّمِ وَالثَّانِي بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ وَالثَّالِثِ بِلَا شَيْءٍ يَتَقَدَّمُهُ وَهُوَ كُلُّ مَنْ مُنِعَ مِنْ الْمُضِيِّ شَرْعًا؛ لِحَقِّ الْعَبْدِ، كَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ الْمَمْنُوعَيْنِ؛ لِحَقِّ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى إذَا أَحْرَمَا بِغَيْرِ إذْنٍ فَإِنَّ لِلزَّوْجِ وَالْمَوْلَى أَنْ يُحَلِّلَاهُمَا فِي الْحَالِ بِلَا شَيْءٍ؛ ثُمَّ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَبْعَثَ بِهَدْيٍ يُذْبَحُ عَنْهَا فِي الْحَرَمِ، وَعَلَى الْعَبْدِ إذَا أُعْتِقَ هَدْيُ الْإِحْصَارِ، وَعَلَيْهِمَا مَعًا قَضَاءُ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، وَسَنَذْكُرُ تَمَامَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ.
(بَابُ الْفَوَاتِ). (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ ﵊: «مَنْ فَاتَهُ عَرَفَةُ بِلَيْلٍ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَلِيَحِلَّ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ»)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute