(وَلَا يَحْضُرُ أَهْلُ الذِّمَّةِ الِاسْتِسْقَاءَ)؛ لِأَنَّهُ لِاسْتِنْزَالِ الرَّحْمَةِ، وَإِنَّمَا تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ اللَّعْنَةُ.
(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)
(إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ جَعَلَ الْإِمَامُ النَّاسَ طَائِفَتَيْنِ: طَائِفَةٍ إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ، وَطَائِفَةٍ خَلْفَهُ،
وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ التَّحْوِيلِ كَانَ تَفَاؤُلًا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَصَحَّحَهُ قَالَ: «حَوَّلَ رِدَاءَهُ لِيَتَحَوَّلَ الْقَحْطُ». وَفِي طُوَالَاتِ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «وَقَلَبَ رِدَاءَهُ لِكَيْ يَنْقَلِبَ الْقَحْطُ إلَى الْخِصْبِ» وَفِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ: لِتَتَحَوَّلَ السَّنَةُ مِنْ الْجَدْبِ إلَى الْخِصْبِ ذَكَرَهُ وَمِنْ قَوْلِ وَكِيعٍ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لِاسْتِنْزَالِ الرَّحْمَةِ وَإِنَّمَا تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ اللَّعْنَةُ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ الرَّحْمَةُ الْخَاصَّةُ فَمَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ لِاسْتِنْزَالِ الْغَيْثِ الَّذِي هُوَ الرَّحْمَةُ الْعَامَّةُ لِأَهْلِ الدُّنْيَا وَالْكَافِرُ مِنْ أَهْلِهَا. هَذَا وَلَكِنْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ أَنْ يَسْتَسْقُوا وَحْدَهُمْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُسْقَوْا فَقَدْ يُفْتَنُ بِهِ ضُعَفَاءُ الْعَوَامّ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
أَوْرَدَهَا بَعْدَ الِاسْتِسْقَاءِ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي أَنَّ شَرْعِيَّتَهُمَا بِعَارِضِ خَوْفٍ لَكِنَّ سَبَبَ هَذَا الْخَوْفِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ سَمَاوِيٌّ، وَهُنَا اخْتِيَارِيٌّ لِلْعِبَادِ وَهُوَ كُفْرُ الْكَافِرِ وَظُلْمُ الظَّالِمِ؛ وَلِأَنَّ أَثَرَ الْعَارِضِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ وَهُنَا فِي وَصْفِهَا (قَوْلُهُ: إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ) اشْتِدَادُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ حُضُورُ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ، فَلَوْ رَأَوْا سَوَادًا ظَنُّوهُ عَدُوًّا صَلَّوْهَا، فَإِنْ تَبَيَّنَ كَمَا ظَنُّوا جَازَتْ لِتَبَيُّنِ سَبَبِ الرُّخْصَةِ، وَإِنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ لَمْ تَجُزْ، إلَّا إنْ ظَهَرَ بَعْدَ أَنْ انْصَرَفَتْ الطَّائِفَةُ مِنْ نَوْبَتِهَا فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ تَتَجَاوَزَ الصُّفُوفَ فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يَبْنُوا اسْتِحْسَانًا كَمَنْ انْصَرَفَ عَلَى ظَنِّ الْحَدَثِ يَتَوَقَّفُ الْفَسَادُ إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ عَلَى مُجَاوَزَةِ الصُّفُوفِ، وَلَوْ شَرَعُوا بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ فَذَهَبُوا لَا يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute