للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُصَلِّي بِهَذِهِ الطَّائِفَةِ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مَضَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ تِلْكَ الطَّائِفَةُ، فَيُصَلِّي بِهِمْ الْإِمَامُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُسَلِّمُوا، وَذَهَبُوا إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَصَلُّوا رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ وُحْدَانًا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ)؛ لِأَنَّهُمْ لَاحِقُونَ (وَتَشَهَّدُوا وَسَلَّمُوا وَمَضَوْا إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى، وَصَلَّوْا رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ)؛ لِأَنَّهُمْ مَسْبُوقُونَ (وَتَشَهَّدُوا وَسَلَّمُوا) وَالْأَصْلُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي قُلْنَا».

لَهُمْ الِانْحِرَافُ وَالِانْصِرَافُ لِزَوَالِ سَبَبِ الرُّخْصَةِ، وَلَوْ شَرَعُوا فِي صَلَاتِهِمْ ثُمَّ حَضَرَ جَازَ الِانْحِرَافُ لِوُجُودِ الْمُبِيحِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا تَلْزَمُ إذَا تَنَازَعَ الْقَوْمُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَتَنَازَعُوا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ تَمَامَ الصَّلَاةِ، وَيُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى إمَامٌ آخَرُ تَمَامَهَا (قَوْلُهُ: فَيُصَلِّي بِهَذِهِ الطَّائِفَةِ رَكْعَتَيْنِ وَسَجْدَتَيْنِ) مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ إنْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ كَانَتْ الْفَجْرَ أَوْ الْجُمُعَةَ أَوْ الْعِيدَ. (قَوْلُهُ: مَضَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ) يَعْنِي مُشَاةً، فَإِنْ رَكِبُوا فِي ذَهَابِهِمْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ (قَوْلُهُ: وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى إلَى قَوْلِهِ: لِأَنَّهُمْ مَسْبُوقُونَ) يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمُقِيمُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ حَتَّى يَقْضِيَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ بِلَا قِرَاءَةٍ إنْ كَانَ مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُولَى، وَبِقِرَاءَةٍ إنْ كَانَ مِنْ الثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ رِوَايَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ إلَخْ) رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ خَفِيفٍ الْجَزَرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ فَقَامُوا صَفًّا خَلْفَهُ وَصَفًّا مُسْتَقْبِلَ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُونَ فَقَامُوا فِي مَقَامِهِمْ وَاسْتَقْبَلَ هَؤُلَاءِ الْعَدُوَّ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَ هَؤُلَاءِ فَصَلَّوْا؛ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَسَلَّمُوا، ثُمَّ ذَهَبُوا فَقَامُوا مَقَامَ أُولَئِكَ مُسْتَقْبِلِي الْعَدُوِّ، وَرَجَعَ أُولَئِكَ إلَى مَقَامِهِمْ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا» وَأُعِلَّ بِأَبِي عُبَيْدَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ وَخَفِيفٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ. قِيلَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ قَالَ «غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ قِبَلَ نَجْدٍ، فَوَازَيْنَا الْعَدُوَّ فَصَافَفْنَاهُمْ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي لَنَا، فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ فَصَلَّى وَأَقْبَلَتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَدُوِّ وَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ بِمَنْ مَعَهُ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفُوا مَكَانَ الطَّائِفَةِ الْأُولَى الَّتِي لَمْ تُصَلِّ، فَجَاءُوا فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ بِهِمْ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرَكَعَ لِنَفْسِهِ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرَكَعَ لِنَفْسِهِ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ» وَلَا يَخْفَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَدِيثَيْنِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى بَعْضِ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ مَشْيُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى وَإِتْمَامُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فِي مَكَانِهَا مِنْ خَلْفِ الْإِمَامِ وَهُوَ أَقَلُّ تَغَيُّرًا.

وَقَدْ رُوِيَ تَمَامُ صُورَةِ الْكِتَابِ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي حَنِيفَةَ، ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الْآثَارِ، وَسَاقَ إسْنَادَ الْإِمَامِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>