وَأَبُو يُوسُفَ وَإِنْ أَنْكَرَ شَرْعِيَّتَهَا فِي زَمَانِنَا فَهُوَ مَحْجُوجٌ عَلَيْهِ بِمَا رَوَيْنَا.
قَالَ (وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُقِيمًا صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ)
بِالْمُنَافِي فِي الصَّلَاةِ فَالْمَوْقُوفُ فِيهِ كَالْمَرْفُوعِ. (قَوْلُهُ: وَأَبُو يُوسُفَ) رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ جَوَازُهَا مُطْلَقًا، وَقِيلَ هُوَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ.
وَصِفَتُهَا عِنْدَهُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَنْ يُحْرِمُوا مَعَ الْإِمَامِ كُلُّهُمْ وَيَرْكَعُوا، فَإِذَا سَجَدَ سَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي يَحْرُسُونَهُمْ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ تَأَخَّرَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ وَتَقَدَّمَ الثَّانِي، فَإِذَا سَجَدَ سَجَدُوا مَعَهُ، وَهَكَذَا يَفْعَلُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ ﴿فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ﴾ جَعَلَهُمْ ﷾ طَائِفَتَيْنِ، وَصَرَّحَ بِأَنَّ بَعْضَهُمْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَهُ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ لَمْ يَفُتْهُمْ شَيْءٌ.
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ: إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ انْتَظَرَ هَذِهِ الطَّائِفَةَ حَتَّى تُصَلِّيَ رَكْعَتَهَا الثَّانِيَةَ وَتُسَلِّمَ وَتَذْهَبَ وَتَأْتِيَ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَهُ الثَّانِيَةَ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ انْتَظَرَ هَذِهِ الطَّائِفَةَ حَتَّى تُصَلِّيَ رَكْعَتَهَا الثَّانِيَةَ وَتَشْهَدَ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا مَعَهُ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ هَذَا أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَلَا يَنْتَظِرُهُمْ فَيُصَلُّونَ رَكْعَتَهُمْ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ، وَالْكُلُّ مِنْ فِعْلِهِ ﵇ مَقْبُولٌ، وَرَجَّحْنَا نَحْنُ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ مِنْ الْكَيْفِيَّةِ بِأَنَّهُ أَوْفَقُ بِالْمَعْهُودِ اسْتِقْرَارُهُ شَرْعًا فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَرْكَعَ الْمُؤْتَمُّ وَيَسْجُدَ قَبْلَ الْإِمَامِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَأَنْ لَا يَنْقَلِبَ مَوْضُوعُ الْإِمَامَةِ حَيْثُ يَنْتَظِرُ الْإِمَامُ الْمَأْمُومَ.
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً إلَّا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ﴾ الْآيَةَ. شَرَطَ لِإِقَامَتِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute