(فَصْلٌ)
قَالَ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ حِينًا أَوْ زَمَانًا أَوْ الْحِينَ أَوْ الزَّمَانَ فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ) لِأَنَّ الْحِينَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الزَّمَانُ الْقَلِيلُ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾ وَهَذَا هُوَ الْوَسَطُ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْيَسِيرَ لَا يُقْصَدُ بِالْمَنْعِ لِوُجُودِ
فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ.
فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَهَذِهِ الصِّفَةُ لَيْسَتْ بِدَاعِيَةٍ إلَخْ: يَعْنِي أَنَّ الصِّفَةَ تُعْتَبَرُ فِي الْحَاضِرِ إذَا كَانَتْ دَاعِيَةً وَصِفَةُ الرُّطْبِيَّةِ مِمَّا تَدْعُو بَعْضَ النَّاسِ إلَى الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِهِ فَتُقَيَّدُ بِهِ، بِخِلَافِ الشَّبِيهِ هُنَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِدَاعِيَةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَفِي الْوَجِيزِ لِبُرْهَانِ الدِّينِ مَحْمُودِ الْبُخَارِيِّ: حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ صَبِيًّا أَوْ غُلَامًا أَوْ شَابًّا أَوْ كَهْلًا فَالْكَلَامُ فِي مَعْرِفَةِ هَؤُلَاءِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: فِي اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ وَالْعُرْفِ. أَمَّا اللُّغَةُ قَالُوا الصَّبِيُّ يُسَمَّى غُلَامًا إلَى تِسْعَ عَشَرَةَ، وَمِنْ تِسْعَ عَشَرَةَ شَابٌّ إلَى أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، وَمِنْ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ كَهْلًا إلَى إحْدَى وَخَمْسِينَ، وَمِنْ إحْدَى وَخَمْسِينَ شَيْخٌ إلَى آخَرِ عُمُرِهِ. وَأَمَّا الشَّرْعُ فَالْغُلَامُ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْبُلُوغِ مَعْلُومٌ، فَإِذَا بَلَغَ صَارَ شَابًّا وَفَتًى. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مِنْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ الْكُهُولَةَ، فَإِذَا بَلَغَ خَمْسِينَ فَهُوَ شَيْخٌ.
قَالَ الْقُدُورِيُّ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: الشَّابُّ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ إلَى خَمْسِينَ سَنَةً إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ الشَّمْطُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَالْكَهْلُ مِنْ ثَلَاثِينَ إلَى آخَرِ عُمْرِهِ، وَالشَّيْخُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِينَ. وَكَانَ يَقُولُ قَبْلَ هَذَا: الْكَهْلُ مِنْ ثَلَاثِينَ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ وَأَكْثَرَ، وَالشَّيْخُ مِنْ أَرْبَعِينَ إلَى مِائَةٍ، وَهُنَا رِوَايَاتٌ أُخْرَى وَانْتِشَارٌ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا بِهِ الْإِفْتَاءُ.
(فَصْلٌ فِي يَمِينِ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ حِينًا أَوْ زَمَانًا)
لَمَّا كَانَ مَا فِيهِ كَالتَّبَعِ لِمَا تَقَدَّمَ تَرْجَمَهُ بِالْفَصْلِ (وَقَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ حِينًا أَوْ زَمَانًا أَوْ الْحِينُ أَوْ الزَّمَانُ فَهُوَ عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي النَّفْيِ) كَلَا أُكَلِّمُهُ الْحِينَ أَوْ حِينًا (وَالْإِثْبَاتِ) نَحْوُ لَأَصُومَنَّ حِينًا أَوْ الْحِينَ أَوْ الزَّمَانَ أَوْ زَمَانًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute