﷽
(بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)
(إذَا غَلَبَ التُّرْكُ عَلَى الرُّومِ فَسَبَوْهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ مَلَكُوهَا)؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ قَدْ تَحَقَّقَ فِي مَالٍ مُبَاحٍ وَهُوَ السَّبَبُ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (فَإِنْ غَلَبْنَا عَلَى التُّرْكِ حَلَّ لَنَا مَا نَجِدُهُ مِنْ ذَلِكَ) اعْتِبَارًا بِسَائِرِ أَمْلَاكِهِمْ.
(وَإِذَا غَلَبُوا عَلَى أَمْوَالِنَا وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ مَلَكُوهَا)
بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ)
. لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ اسْتِيلَائِنَا عَلَيْهِمْ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ اسْتِيلَاءِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَحُكْمِ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَيْنَا وَتَقْدِيمُهُ الْأَوَّلَ عَلَى الثَّانِي ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا غَلَبَ التُّرْكُ عَلَى الرُّومِ) أَيْ كُفَّارُ التُّرْكِ عَلَى كُفَّارِ الرُّومِ (فَسَبَوْهُمْ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ مَلَكُوهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ قَدْ تَحَقَّقَ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ) عَنْ قَرِيبٍ (فَإِنْ غَلَبْنَا عَلَى التُّرْكِ حَلَّ لَنَا مَا نَجِدُهُ مِنْ مَالٍ) أَيْ مِمَّا أَخَذُوهُ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرُّومِ مُوَادَعَةٌ؛ لِأَنَّا لَمْ نَغْدِرْهُمْ إنَّمَا أَخَذْنَا مَالًا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِمْ. وَلَوْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُوَادَعَةٌ فَاقْتَتَلُوا فَغَلَبَتْ إحْدَاهُمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَشْتَرِيَ الْمَغْنُومَ مِنْ مَالِ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى مِنْ الْغَانِمَيْنِ لِمَا ذَكَرْنَا.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: وَالْإِحْرَازُ بِدَارِ الْحَرْبِ شَرْطٌ، أَمَّا بِدَارِهِمْ فَلَا. وَلَوْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُوَادَعَةٌ وَاقْتَتَلُوا فِي دَارِنَا لَا نَشْتَرِي مِنْ الْغَالِبِينَ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهُ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ فَيَكُونُ شِرَاؤُنَا غَدْرًا بِالْآخَرِينَ فَإِنَّهُ عَلَى مِلْكِهِمْ.
وَأَمَّا لَوْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ يَجُوزُ شِرَاءُ الْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْمَنِ مِنْ الْغَالِبِينَ نَفْسًا أَوْ مَالًا؟ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ بَيْنَ الْمَأْخُوذِ وَبَيْنَ الْآخِذِ قَرَابَةٌ مُحَرِّمَةٌ كَالْأُمِّيَّةِ أَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِلْآخِذِ لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ دَانُوا بِذَلِكَ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ دَانُوا بِأَنَّ مَنْ قَهَرَ آخَرَ مَلَكَهُ جَازَ الشِّرَاءُ، وَإِلَّا لَا.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا غَلَبُوا عَلَى أَمْوَالِنَا وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ مَلَكُوهَا) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، إلَّا أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute