(وَمَنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَفُلَانٌ مَيِّتٌ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ حَنِثَ) لِأَنَّهُ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى حَيَاةٍ يُحْدِثُهَا اللَّهُ فِيهِ وَهُوَ مُتَصَوَّرٌ فَيَنْعَقِدُ ثُمَّ يَحْنَثُ لِلْعَجْزِ الْعَادِيِّ (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَا يَحْنَثُ) لِأَنَّهُ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى حَيَاةٍ كَانَتْ فِيهِ وَلَا تُتَصَوَّرُ فَيَصِيرُ قِيَاسُ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ عَلَى الِاخْتِلَافِ، وَلَيْسَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلُ الْعِلْمِ هُوَ الصَّحِيحَ.
بَابُ الْيَمِينِ فِي تَقَاضِي الدَّرَاهِمِ
لَكِنْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْحِنْثِ لَفْظًا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ أَنْ لَا يَبِيعَ بِعَشَرَةٍ أَوْ بِأَقَلَّ بَلْ بِأَكْثَرَ. وَلَوْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا لِأَنَّهُ وَإِنْ وُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ لَفْظًا لِأَنَّهُ لَمَّا بَاعَهُ بِأَحَدَ عَشَرَ فَقَدْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ أَيْضًا لَكِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عُرْفًا فَلَا يَحْنَثُ غَيْرُ دَافِعٍ بِقَلِيلِ تَأَمُّلٍ. ثُمَّ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ: هَذَا يَعْنِي الْحِنْثَ إذَا كَانَ فِي الْغَضَبِ، أَمَّا إذَا فَعَلَ فِي الْمُمَازَحَةِ فَلَا يَحْنَثُ، وَلَوْ أَدْمَاهَا لَكِنْ لَا عَلَى قَصْدِ الْإِدْمَاءِ بَلْ وَقَعَ الْخَطَأُ فِي الْمُمَازَحَةِ بِالْيَدِ. وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا إذَا كَانَتْ بِالْعَرَبِيَّةِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ بِمَدِّ الشَّعْرِ وَالْخَنْقِ وَالْعَضِّ، وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ
(قَوْلُهُ: وَمَنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَقْتُلْ فُلَانًا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَفُلَانٌ مَيِّتٌ وَالْحَالِفُ عَالِمٌ بِمَوْتِهِ حَنِثَ) لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ بِمَوْتِهِ قَبْلَ حَلِفِهِ وَالْقَتْلُ إزَالَةُ الْحَيَاةِ بِسَبَبٍ عَادِيٍّ مَخْصُوصٍ لَزِمَ أَنَّهُ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى إزَالَةِ حَيَاةِ يُحْدِثُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَذَلِكَ مُتَصَوَّرٌ فَيَنْعَقِدُ بِالِاتِّفَاقِ، ثُمَّ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ لِلْعَجْزِ الْحَالِي الْمُسْتَمِرِّ عَادَةً (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا يَحْنَثُ) لِأَنَّهُ عَقَدَ يَمِينَهُ لَا مَحَالَةَ عَلَى إزَالَةِ الْحَيَاةِ الْقَائِمَةِ فِيهِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ إزَالَةُ الْقَائِمَةِ وَلَا حَيَاةَ قَائِمَةٌ (فَكَانَ قِيَاسُ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ عَلَى الِاخْتِلَافِ) السَّابِقِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَبَيْنَهُمَا، فَعِنْدَهُ يَنْعَقِدُ وَيَحْنَثُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا كَفَّارَةَ لِأَنَّهُ لَا حِنْثَ إذْ لَا انْعِقَادَ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ (تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ) بَلْ الْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ مَاءً وَقْتَ الْحَلِفِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَمَّا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ حَيْثُ قَالَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الْكُوزَ لَا مَاءَ فِيهِ فَحَلَفَ فَقَالَ: إنْ لَمْ أَشْرَبْ الْمَاءَ الَّذِي فِي هَذَا الْكُوزِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالِاتِّفَاقِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ أُخْرَى لَا يَحْنَثُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنْ لَا مَاءَ فِي هَذَا الْكُوزِ فَحَلَفَ يَنْبَغِي أَنْ تَنْعَقِدَ يَمِينُهُ عِنْدَهُمَا عَلَى مَاءٍ يُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْكُوزِ وَهُوَ مُتَصَوَّرٌ ثُمَّ الْعَجْزُ الْحَالِيُّ الْمُسْتَمِرُّ يُوجِبُ حِنْثَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِي الْكُوزِ مَاءً؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ انْعَقَدَتْ عَلَى مَاءٍ فِي الْكُوزِ، وَلَوْ أَوْجَدَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مَاءً كَانَ غَيْرَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ شُرْبُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ.
(بَابُ الْيَمِينِ فِي تَقَاضِي الدَّرَاهِمِ) التَّقَاضِي: الْمُطَالَبَةُ وَهُوَ سَبَبٌ لِلْقَضَاءِ وَهِيَ مَسَائِلُ الْبَابِ فَتُرْجِمَ الْبَابُ بِمَا هُوَ سَبَبُ مَسَائِلِهِ وَخَصَّ الدَّرَاهِمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute