(وَمَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ إلَى قَرِيبٍ فَهُوَ عَلَى مَا دُونَ الشَّهْرِ، وَإِنْ قَالَ إلَى بَعِيدٍ فَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ الشَّهْرِ) لِأَنَّ مَا دُونَهُ يُعَدُّ قَرِيبًا، وَالشَّهْرُ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يُعَدُّ بَعِيدًا، وَلِهَذَا يُقَالُ عِنْدَ بُعْدِ الْعَهْدِ مَا لَقِيتُك مُنْذُ شَهْرٍ
(وَمَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا دَيْنَهُ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ ثُمَّ وَجَدَ فُلَانٌ بَعْضَهَا زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ مُسْتَحَقَّةً لَمْ يَحْنَثْ الْحَالِفُ) لِأَنَّ الزِّيَافَةَ عَيْبٌ وَالْعَيْبُ لَا يُعْدِمُ الْجِنْسَ، وَلِهَذَا لَوْ تَجُوزُ بِهِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا،
بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ دَوْرًا فِي الْمُعَامَلَاتِ (قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ إلَى قَرِيبٍ) أَوْ عَاجِلًا (فَهُوَ مَا دُونَ الشَّهْرِ) فَإِنْ أَخَّرَهُ إلَى الشَّهْرِ حَنِثَ (وَإِنْ قَالَ إلَى بَعِيدٍ) أَوْ آجِلًا (فَهُوَ عَلَى أَكْثَرِ) مِنْ شَهْرٍ وَعَلَى (الشَّهْرِ) أَيْضًا، وَلَكِنَّهُ قَصَدَ الطِّبَاقَ بَيْنَ قَوْلِهِ مَا دُونَ الشَّهْرِ وَمَا فَوْقَهُ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمَوْتِ إذَا مَاتَ لِشَهْرٍ فَصَاعِدًا مِنْ حِينِ حَلَفَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ بِلَا غَايَةٍ مَحْدُودَةٍ إلَى الْمَوْتِ، فَإِنْ مَاتَ لِأَقَلَّ مِنْهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ عَلَى مُقْتَضَى مَا ذَكَرُوا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: لَيْسَ فِي يَمِينِ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ تَقْدِيرٌ؛ لِأَنَّهُ إضَافِيٌّ، فَكُلُّ مُدَّةٍ قَرِيبَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا بَعْدَهَا وَبَعِيدَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا دُونَهَا، وَمُدَّةُ الدُّنْيَا كُلِّهَا قَرِيبَةٌ بِاعْتِبَارٍ وَبَعِيدَةٌ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا يُحْكَمُ بِحِنْثِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَهُ. وَقُلْنَا: هُنَا وَجْهَانِ مِنْ الِاعْتِبَارِ اعْتِبَارُ الْإِضَافَةِ وَلَا ضَبْطَ فِيهَا كَمَا ذَكَرْت، وَاعْتِبَارُ الْعُرْفِ وَعَلَيْهِ مَبْنَى الْأَيْمَانِ. وَالْعُرْفُ يَعُدُّ الشَّهْرَ بَعِيدًا فَإِنَّهُ يُقَالُ: مَا رَأَيْتُك مُنْذُ شَهْرٍ عِنْدَ اسْتِبْعَادِ مُدَّةِ الْغَيْبَةِ فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَعَدَمِ النِّيَّةِ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا نَوَى بِقَوْلِهِ إلَى قَرِيبٍ وَإِلَى بَعِيدٍ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَهُوَ عَلَى مَا نَوَى حَتَّى لَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ إلَى قَرِيبٍ أَوْ عَاجِلًا سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ صَحَّتْ، وَكَذَا إلَى آخِرِ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخِرَةِ، وَتَقَدَّمَتْ فُرُوعٌ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ ضُحًى أَوْ عِنْدَ الْهِلَالِ وَنَحْوَهَا
(قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا دَيْنَهُ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ فِيهِ ثُمَّ وَجَدَ فُلَانٌ بَعْضَهَا) أَيْ بَعْضَ الدَّرَاهِمِ (زُيُوفًا) وَهِيَ الْمَغْشُوشَةُ غِشًّا قَلِيلًا بِحَيْثُ يَتَجَوَّزُ التُّجَّارُ بِهَا، وَإِنَّمَا يَرُدُّهُ بَيْتُ الْمَالِ (أَوْ نَبَهْرَجَةً) وَغِشُّهَا أَكْثَرُ مِنْ الزُّيُوفِ يَرُدُّهُ مِنْ التُّجَّارِ الْمُسْتَقْصِي، وَيَقْبَلُهُ السَّهْلُ مِنْهُمْ (أَوْ مُسْتَحِقُّهُ لَمْ يَحْنَثْ) بِذَلِكَ سَوَاءٌ رَدَّ بَدَلَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ لَا؛ (لِأَنَّ الزَّيْفَ عَيْبٌ) وَكَذَا نَبَهْرَجَةٌ وَلَفْظُ الزِّيَافَةِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ غَيْرُ عَرَبِيٍّ بَلْ هُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ (وَالْعَيْبُ) فِي الْجِنْسِ (لَا يُعْدِمُ الْجِنْسَ) أَيْ جِنْسَ الدَّرَاهِمِ (وَلِهَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ وَصْفِ الزِّيَافَةِ لَا يُعْدِمُ اسْمَ الدَّرَاهِمِ (لَوْ تَجَوَّزَ بِهَا) فِي الصَّرْفِ: أَيْ لَوْ جُعِلَتْ بَدَلًا فِي الصَّرْفِ بِالْجِيَادِ أَوْ جُعِلَتْ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ صَحَّ مَعَ أَنَّ الِافْتِرَاقَ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute