فَوُجِدَ شَرْطُ الْبِرِّ وَقَبْضُ الْمُسْتَحَقَّةِ صَحِيحٌ وَلَا يَرْتَفِعُ بِرَدِّهِ الْبِرَّ الْمُتَحَقِّقَ (وَإِنْ وَجَدَهَا رَصَاصًا أَوْ سَتُّوقَةً حَنِثَ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ حَتَّى لَا يَجُوزَ التَّجَوُّزُ بِهِمَا فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ (وَإِنْ بَاعَهُ بِهَا عَبْدًا وَقَبَضَهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ) لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ طَرِيقُهُ الْمُقَاصَّةُ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ الْقَبْضَ لِيَتَقَرَّرَ بِهِ
غَيْرِ قَبْضٍ مُفْسِدٌ لَهُمَا، فَعُرِفَ أَنَّهُمَا لَمْ يَنْتَفِ عَنْهُمَا جِنْسُ الدَّرَاهِمِ فَيَبَرُّ فِي الْيَمِينِ بِهِمَا سَوَاءٌ حَلَفَ عَلَى الْقَبْضِ أَوْ الدَّفْعِ (وَ) كَذَا قَبْضُ الدَّرَاهِمِ (الْمُسْتَحَقَّةِ صَحِيحٌ) وَلِذَا لَوْ أَجَازَ الْمَالِكُ قَبْضَهَا جَازَ، وَإِذَا بَرَّ فِي دَفْعِ هَذِهِ الْمُسَمَّيَاتِ الثَّلَاثَةِ، فَلَوْ رَدَّ الزُّيُوفَ أَوْ النَّبَهْرَجَةَ أَوْ اُسْتُرِدَّتْ الْمُسْتَحَقَّةُ لَا يَرْتَفِعُ الْبِرُّ، وَإِنْ انْتَقَضَ الْقَبْضُ فَإِنَّمَا يُنْتَقَضُ فِي حَقِّ حُكْمٍ يَقْبَلُ الِانْتِقَاضَ، وَمِثْلُهُ لَوْ دَفَعَ الْمُكَاتَبُ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ وَعَتَقَ فَرَدَّهَا مَوْلَى الْمُكَاتَبِ بِسَبَبِ أَنَّهَا زَيْفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ أَوْ مُسْتَحَقَّةٌ لَا يَرْتَفِعُ الْعِتْقُ (وَلَوْ كَانَتْ رَصَاصًا أَوْ سَتُّوقَةً حَنِثَ) إذَا انْقَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يَرُدَّ بَدَلَهَا دَرَاهِمَ. وَالسَّتُّوقَةُ الْمَغْشُوشَةُ غِشًّا زَائِدًا وَهُوَ تَعْرِيبُ سِيّ تُوقَةَ: أَيْ ثَلَاثُ طَبَقَاتٍ طَبَقَتَا الْوَجْهَيْنِ فِضَّةٌ وَمَا بَيْنَهُمَا نُحَاسٌ وَنَحْوُهُ؛ (لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ حَتَّى لَا يَتَجَوَّزَ بِهَا فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ) وَلَا يُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ بِأَدَائِهَا، فَلَوْ رَدَّهَا الْمَوْلَى ظَهَرَ عَدَمُ عِتْقِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ إنْ بَاعَ الْحَالِفُ الْمَدْيُونُ رَبَّ الدَّيْنِ الَّذِي حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ الْيَوْمَ دَيْنَهُ فِي الْيَوْمِ الْمَحْلُوفِ عَلَى قَضَائِهِ فِيهِ (عَبْدًا وَقَبَضَهُ) رَبُّ الدَّيْنِ (بَرَّ) الْمَدْيُونُ (فِي يَمِينِهِ)؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ لَوْ وَقَعَ بِالدَّرَاهِمِ كَانَ بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ. وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ فِي ذِمَّةِ الْقَابِضِ وَهُوَ الدَّائِنُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ لِيَتَمَلَّكَهُ وَلِلدَّائِنِ مِثْلُهُ عَلَى الْمُقْبَضِ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا، فَكَذَا هُنَا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُقَاصَصُ بِهِ فَيَبَرُّ فِي يَمِينِهِ بِإِعْطَاءِ الْعَبْدِ قِصَاصًا وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ ثَمَنُ الْعَبْدِ وَلَهُ فِي ذِمَّتِهِ مِثْلُهَا فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا، ثُمَّ الْبِرُّ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ قَبَضَ الدَّائِنُ الْعَبْدَ أَوْ لَا، حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمَدْيُونِ الْحَالِفِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَعَادَ الدَّيْنُ، وَلَا يُنْتَقَضُ الْبِرُّ فِي الْيَمِينِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ تَأْكِيدًا لِلْبَيْعِ لِيَتَقَرَّرَ الدَّيْنُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ وَإِنْ وَجَبَ بِالْبَيْعِ لَكِنَّهُ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ لِجَوَازِ أَنْ يَهْلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَقَبَضَهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تَفِي بِالدَّيْنِ بَرَّ وَإِلَّا حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ، هَذَا إذَا حَلَفَ الْمَدْيُونُ، وَكَذَا إذَا حَلَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute