للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مُجَاوَزَةِ الْوَقْتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ

لَيْسَ سَبَبًا لِلضَّمَانِ بَلْ الْقَتْلُ بِالنَّصِّ، فَالتَّكْفِيرُ قَبْلَهُ وَاقِعٌ قَبْلَ السَّبَبِ فَلَا يَقَعُ إلَّا نَفْلًا، فَإِذَا مَاتَتْ بَعْدَ هَذَا الْجَزَاءِ لَزِمَهُ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ تَعَلَّقَ بِهِ خِطَابُ الْجَزَاءِ، هَذَا الَّذِي أَدِينُ بِهِ. وَأَقُولُ: يُكْرَهُ اصْطِيَادُهَا إذَا أَدَّى الْجَزَاءَ بَعْدَ الْهَرَبِ ثُمَّ ظَفِرَ بِهَا لِشُبْهَةِ كَوْنِ دَوَامِ الْعَجْزِ شَرْطَ إجْزَاءِ الْكَفَّارَةِ إلَّا إذَا اصْطَادَهَا؛ لِيَرُدَّهَا إلَى الْحَرَمِ.

(فُرُوعٌ) غَصَبَ حَلَالٌ صَيْدَ حَلَالٍ ثُمَّ أَحْرَمَ الْغَاصِبُ وَالصَّيْدُ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ إرْسَالُهُ وَضَمَانُ قِيمَتِهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ بَلْ دَفَعَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَتَّى بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ لَهُ كَانَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَقَدْ أَسَاءَ. وَهَذَا لُغْزٌ، يُقَالُ غَاصِبٌ يَجِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ الرَّدِّ بَلْ إذَا فَعَلَ يَجِبُ بِهِ الضَّمَانُ، فَلَوْ أَحْرَمَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجَزَاءُ إلَّا إنْ عَطِبَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى يَدِهِ. وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ اصْطَادَهُ وَهُوَ حَلَالٌ وَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ لَهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَيَلْزَمُ الْجَزَاءُ بِرَمْيِ الْحَلَالِ مِنْ الْحَرَمِ صَيْدًا فِي الْحِلِّ كَمَا يَلْزَمُ فِي عَكْسِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ يُقَالُ أَحْرَمَ إذَا دَخَلَ فِي أَرْضِ الْحَرَمِ كَأَشْأَمَ إذَا دَخَلَ فِي أَرْضِ الشَّأَمِ، كَمَا يُقَالُ أَحْرَمَ إذَا دَخَلَ فِي حُرْمَةِ الشَّيْءِ فَبِعُمُومِهِ يُفِيدُهُ، وَكَذَا إرْسَالُ الْكَلْبِ.

وَقَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ فَصْلِ الْجَزَاءِ أَنَّ الْحَلَالَ إذَا رَمَى صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَأَصَابَهُ فِي الْحَرَمِ بِأَنْ هَرَبَ إلَى الْحَرَمِ فَأَصَابَهُ السَّهْمُ فِيهِ أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ، وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ جَزَاءٌ وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الرَّمْيِ غَيْرُ مُرْتَكِبٍ لِلنَّهْيِ. قَالَ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الْمُسْتَثْنَاةُ مِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّ عِنْدَهُ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الرَّمْيِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَاصَّةً فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ فِي التَّنَاوُلِ حَالَةَ الْإِصَابَةِ احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّ الْحِلَّ بِالذَّكَاةِ يَحْصُلُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِصَابَةِ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَهَا الصَّيْدُ صَيْدُ الْحَرَمِ لَمْ يَحِلَّ، وَعَلَى هَذَا إرْسَالُ الْكَلْبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابُ مُجَاوَزَةِ الْوَقْتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ)

فَصَلَهُ عَنْ الْجِنَايَاتِ وَأَخَّرَهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ اسْمِ الْجِنَايَاتِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مَا يَقَعُ جِنَايَةً عَلَى الْإِحْرَامِ وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>