للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْفُرْقَةَ تَثْبُتُ بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ وَلَا عَمَلَ فِيهَا لِلرِّدَّةِ وَالتَّمْكِينِ، إلَّا أَنَّ الْمُرْتَدَّةَ تُحْبَسُ حَتَّى تَتُوبَ، وَلَا نَفَقَةَ لِلْمَحْبُوسَةِ، وَالْمُمَكَّنَةُ لَا تُحْبَسُ فَلِهَذَا يَقَعُ الْفَرْقُ.

سَوَاءٌ فَكَمَا لَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِالتَّمْكِينِ هُنَا لَا تَسْقُطُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ بِالرِّدَّةِ، وَإِنَّمَا تَسْقُطُ فِي هَذِهِ الرِّدَّةِ إذَا أُخْرِجَتْ وَحُبِسَتْ إذْ لَا نَفَقَةَ لِلْمَحْبُوسَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّعْلِيلِ، أَوْ إذَا لَحِقَتْ حَتَّى لَوْ لَمْ تَلْحَقْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ تَخْرُجْ بَعْدَ هَذِهِ الرِّدَّةِ كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ، وَلَوْ حُبِسَتْ أَوْ لَحِقَتْ فَعَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ وَرَجَعَتْ إلَى بَيْتِهَا عَادَ اسْتِحْقَاقُهَا لِلنَّفَقَةِ، وَمَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ عَادَتْ إلَى بَيْتِهَا مُسْلِمَةً أَوْ مُرْتَدَّةً عَادَتْ نَفَقَتُهَا، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ اللِّحَاقِ، يُخَالِفُهُ مَا ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ: لَوْ عَادَتْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى، وَوَفَّقَ بِحَمْلِ الْمَذْكُورِ فِي الْجَامِعِ عَلَى مَا إذَا حَكَمَ بِلَحَاقِهَا، وَمَا فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى مَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالرِّدَّةِ؛ فَإِنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَعَادَتْ إلَى مَنْزِلِهِ لَا تَجِبُ لَهَا نَفَقَةٌ لِأَنَّهَا الْمُفَوِّتَةُ لِمِلْكِ النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَعُودُ بِعَوْدِهَا إلَى الْمَنْزِلِ مُسْلِمَةً، وَلَوْ كَانَ تَمْكِينُهَا وَرِدَّتُهَا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ سَقَطَتْ النَّفَقَةُ كَمَا لَوْ كَانَا قَبْلَ الطَّلَاقِ لِقِيَامِ النِّكَاحِ فِي الرَّجْعِيِّ.

وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ كَانَتْ لَهَا نَفَقَةٌ يَوْمَ طَلُقَتْ ثُمَّ صَارَتْ إلَى حَالٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا فَلَهَا أَنْ تَعُودَ وَتَأْخُذَ النَّفَقَةَ، وَكُلَّ امْرَأَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا يَوْمَ طَلُقَتْ فَلَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ بَعْدَهُ، فَلَوْ طَلَّقَ الْأَمَةَ بَائِنًا وَكَانَتْ مُبَوَّأَةً مَعَهُ بَيْتًا فَأَخْرَجَهَا الْمَوْلَى إلَى خِدْمَتِهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا، فَإِنْ أَعَادَهَا إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ تَأْخُذُ النَّفَقَةَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَوَّأَهَا الْمَوْلَى فَطَلُقَتْ فَأَرَادَ أَنْ يُبَوِّئَهَا مَعَ الزَّوْجِ فِي الْعِدَّةِ وَتَأْخُذَ نَفَقَتَهَا لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ كَانَتْ نَاشِزَةً يَوْمَ الطَّلَاقِ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْمَنْزِلِ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا تَعُودُ نَفَقَتُهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّفَقَةَ كَانَتْ وَاجِبَةً إلَّا أَنَّهَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا عَنْ حَقٍّ وَاجِبٍ لَهَا فَلَهَا أَنْ تَعُودَ فَتَأْخُذَهُ، وَهَذَا لَا يَدْفَعُ الْوَارِدَ عَلَى لَفْظِ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ.

وَلَوْ تَطَاوَلَتْ الْعِدَّةُ كَانَتْ لَهَا النَّفَقَةُ مَا لَمْ تَدْخُلْ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ فَتَعْتَدَّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ. وَعَنْ هَذَا قُلْنَا: لَوْ صَالَحَ الْمُعْتَدَّةَ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ، إنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالشُّهُورِ جَازَ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْحَيْضِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمْتَدَّ الطُّهْرُ بِهَا، وَإِذَا لَمْ تُطَالِبْ بِالنَّفَقَةِ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ سَقَطَتْ كَاَلَّتِي فِي الْعِصْمَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَفْرُوضَةً. وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ النَّفَقَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهِيَ زَوْجَةٌ لَمْ يَصِحَّ، وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ عَنْهَا فِي عَقْدِ الْخُلْعِ صَحَّ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ فِي الْخُلْعِ إبْرَاءٌ بِعِوَضٍ وَهُوَ اسْتِيفَاءٌ وَالِاسْتِيفَاءُ قَبْلَ الْوُجُوبِ يَجُوزُ. وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَالْإِبْرَاءُ إسْقَاطٌ وَإِسْقَاطُ الشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ لَا يَجُوزُ، ثُمَّ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُطَلَّقَةِ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مَعَ يَمِينِهَا إذَا كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ.

وَلَوْ كَانَتْ ادَّعَتْ حَبَلًا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا إلَى سَنَتَيْنِ، فَإِنْ قَالَتْ بَعْدَهُمَا كُنْت اعْتَقَدْته حَبَلًا فَظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ إيَّاهُ وَأَنَا حَائِلٌ لَمْ أَحِضْ وَقَالَ بَلْ ادَّعَيْت الْحَبَلَ كَذِبًا وَظَهَرَ كَذِبُك فَلَا نَفَقَةَ لَك لَا يَلْتَفِتُ الْقَاضِي إلَى قَوْلِهِ وَيَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ أَوْ تَدْخُلَ فِي سِنِّ الْإِيَاسِ فَتَعْتَدَّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ. وَقَالَ الْفَضْلِيُّ: لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِذَلِكَ بَلْ يُوقَفُ حَالُهَا لِاحْتِمَالِ حَبَلِهَا فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، كَذَا ذَكَرَ هَذَا الْفَرْعَ بَعْضُهُمْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: عِدَّةُ الصَّغِيرَةِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>