للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا أَنَّهُ لِلتَّنْظِيفِ حَتَّى تُؤْمَرَ بِهِ الْحَائِضُ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فَرْضًا عَنْهَا فَيَقُومَ الْوُضُوءُ مَقَامَهُ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ، لَكِنَّ الْغُسْلَ أَفْضَلُ لِأَنَّ مَعْنَى النَّظَافَةِ فِيهِ أَتَمُّ، وَلِأَنَّهُ اخْتَارَهُ. قَالَ (وَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ جَدِيدَيْنِ أَوْ غَسِيلَيْنِ إزَارًا وَرِدَاءً) لِأَنَّهُ ائْتَزَرَ وَارْتَدَى عِنْدَ إحْرَامِهِ، وَلِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ عَنْ لُبْسِ الْمَخِيطِ وَلَا بُدَّ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَدَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَذَلِكَ فِيمَا عَيَّنَّاهُ، وَالْجَدِيدُ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الطَّهَارَةِ.

قَالَ (وَمَسَّ طِيبًا إنْ كَانَ لَهُ) وَعَنْ مُحَمَّدٍ : أَنَّهُ يُكْرَهُ إذَا تَطَيَّبَ بِمَا تَبْقَى عَيْنُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، لِأَنَّهُ مُنْتَفِعٌ بِالطِّيبِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ

قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ يَطُوفُ فِي نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا» وَرَوَاهُ مَرَّةً «طَيَّبْتُ فَطَافَ ثُمَّ أَصْبَحَ» بِصِيغَةِ الْمَاضِي (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ لِلتَّنْظِيفِ حَتَّى تُؤْمَرَ بِهِ الْحَائِضُ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ «فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَرْسَلَتْ إلَى النَّبِيِّ كَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي» وَنَحْوُهُ عَنْ عَائِشَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهَا «نَفِسَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالشَّجَرَةِ» وَهُوَ شَاهِدٌ لِمَطْلُوبِيَّةِ الْغُسْلِ لِلْحَائِضِ بِالدَّلَالَةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ أَوْ النِّفَاسُ أَقْوَى مِنْ الْحَيْضِ لِامْتِدَادِهِ وَكَثْرَةِ دَمِهِ، فَفِي الْحَيْضِ أَوْلَى.

وَفِي أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ قَالَ «إنَّ النُّفَسَاءَ وَالْحَائِضَ تَغْتَسِلُ وَتُحْرِمُ وَتَقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفَ بِالْبَيْتِ» وَإِذَا كَانَ لِلنَّظَافَةِ وَإِزَالَةِ الرَّائِحَةِ لَا يُعْتَبَرُ التَّيَمُّمُ بَدَلَهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَاءِ وَيُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ.

وَيُسْتَحَبُّ كَمَالُ التَّنْظِيفِ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ قَصِّ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطَيْنِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ وَجِمَاعِ أَهْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ السُّنَّةُ، وَالثَّوْبُ الْوَاحِدُ السَّاتِرُ جَائِزٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ائْتَزَرَ) فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «انْطَلَقَ النَّبِيُّ مِنْ الْمَدِينَةِ بَعْدَمَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ وَلَبِسَ إزَارَهُ وَرِدَاءَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَلَمْ يَنْهَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْدِيَةِ وَالْأُزُرِ تُلْبَسُ إلَّا الْمُزَعْفَرَةَ الَّتِي تَرْدَعُ عَلَى الْجِلْدِ فَأَصْبَحَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَاكِبَ رَاحِلَتِهِ حَتَّى اسْتَوَتْ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ» الْحَدِيثَ.

وَائْتَزَرَ بِهَمْزَتَيْنِ أُولَاهُمَا هَمْزَةُ وَصْلٍ وَوَضْعُ تَاءٍ مُشَدَّدَةٍ مَكَانَ الثَّانِيَةِ خَطَأٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ) وَكَذَا قَوْلُ زُفَرَ (قَوْلُهُ وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>