للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَتَقَدَّمُهَا (يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي أَنْ يُقَدِّمَ الطَّهَارَةَ مِنْ الْأَحْدَاثِ وَالْأَنْجَاسِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾

(وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾

مَا لَا يَتَقَدَّمُهَا كَالْقَعْدَةِ شَرْطِ الْخُرُوجِ، وَتَرْتِيبُ مَا لَمْ يُشْرَعْ مُكَرَّرًا شَرْطُ الْبَقَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ. وَيُرَدُّ عَلَى الثَّانِي أَنَّ الشَّرْطَ عَقْلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ مُتَقَدِّمٌ فَلَا يَخْرُجُ قَيْدُ التَّقَدُّمِ الْعَقْلِيِّ وَالْجَعْلِيِّ لِلْقَطْعِ بِتَقَدُّمِ الْحَيَاةِ وَدُخُولِ الدَّارِ عَلَى الْأَلَمِ مَثَلًا وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ.

لَا يُقَالُ: بَلْ الْجَعْلِيُّ سَبَبٌ لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ إذْ الشَّرْطُ لَا يُؤَثِّرُ إلَّا فِي الْعَكْسِ، فَالشَّرْطُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ أَثَرٍ لَهُ فِيهِ، غَيْرَ أَنَّهُ أُطْلِقَ عَلَيْهِ شَرْطٌ لُغَةً لِأَنَّا نَمْنَعُهُ، بَلْ السَّبَبُ وَهُوَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ تَأَخَّرَ عَمَلُهُ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ الْجَعْلِيِّ فَصَدَقَ أَنَّهُ تَوَقَّفَ عَلَيْهِ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ الَّتِي تَتَقَدَّمُهَا تَقْيِيدٌ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ لَا مُطْلَقِ الشُّرُوطِ، وَلَيْسَ لِلصَّلَاةِ شَرْطٌ جَعْلِيٌّ، وَيَبْعُدُ الِاحْتِرَازُ عَنْ شَرْطِهَا الْعَقْلِيِّ مِنْ الْحَيَاةِ وَنَحْوِهِ إذْ الْكِتَابُ مَوْضُوعٌ لِبَيَانِ الْعَمَلِيَّاتِ فَلَا يَخْطُرُ غَيْرَهَا.

وَشَرْطُ الْخُرُوجِ وَالْبَقَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ لَيْسَا شَرْطَيْنِ لِلصَّلَاةِ بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ وَهُوَ الْخُرُوجُ وَالْبَقَاءُ، وَإِنَّمَا يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ: شَرْطُ الصَّلَاةِ نَوْعًا مِنْ التَّجَوُّزِ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَعَلَى الْوَصْفِ الْمُجَاوِرِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ) فِي صَدْرِ الْكِتَابِ وَبَابِ الْأَنْجَاسِ.

(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿خُذُوا زِينَتَكُمْ﴾ نَزَلَتْ فِي الطَّوَافِ تَحْرِيمًا لِطَوَافِ الْعُرْيَانِ، وَالْعِبْرَةُ وَإِنْ كَانَتْ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ فِي السَّبَبِ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِهِ قَطْعًا، ثُمَّ فِي غَيْرِهِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَالثَّابِتُ عِنْدَنَا فِي السِّتْرِ فِي الطَّوَافِ الْوُجُوبُ، حَتَّى لَوْ طَافَ عُرْيَانًا أَثِمَ وَحُكِمَ بِسُقُوطِهِ، وَفِي الصَّلَاةِ الِافْتِرَاضُ حَتَّى لَا تَصِحُّ دُونَهُ، وَمَا قِيلَ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ بِسُقُوطِ الِافْتِرَاضِ فِي الطَّوَافِ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مُنْتَفٍ فَيَبْقَى عَلَى أَصْلِ الِافْتِرَاضِ فِيهَا فَمَمْنُوعٌ ثُبُوتُ الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ سَلَّمَ لَا يُدْفَعُ السُّؤَالُ وَهُوَ أَنَّهُ كَيْفَ تَنَاوَلَ السَّبَبَ عَلَى وَجْهٍ دُونَهُ فِي غَيْرِهِ، ثُمَّ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْحَقِيقِيُّ وَالْمَجَازِيُّ مَعًا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ قَطْعِيَّ الدَّلَالَةِ فَمُوجِبُهُ الِافْتِرَاضُ لَيْسَ غَيْرُ.

وَإِنْ كَانَ ظَنِّيَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>