للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالْوَكِيلُ يَمْلِكُهُ بِدُونِ أَمْرِهِ فَلَا يَصْلُحُ نَائِبًا عَنْهُ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُمَا بِالْأَخْذِ وَإِحْرَازِ الْمُبَاحِ، فَإِنْ أَخَذَاهُ مَعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِنْ أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْمَلْ الْآخَرُ شَيْئًا فَهُوَ لِلْعَامِلِ، وَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا وَأَعَانَهُ الْآخَرُ فِي عَمَلِهِ بِأَنْ قَلَعَهُ أَحَدُهُمَا وَجَمَعَهُ الْآخَرُ، أَوْ قَلَعَهُ وَجَمَعَهُ وَحَمَلَهُ الْآخَرُ فَلِلْمُعِينِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُجَاوَزُ بِهِ نِصْفُ ثَمَنِ ذَلِكَ، وَقَدْ عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.

يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ بِهِ) أَيْ بِأَخْذِ الْمُبَاحِ (غَيْرُ صَحِيحٍ) لِعَدَمِ مِلْكِهِ وَوِلَايَتِهِ (وَالْوَكِيلُ يَمْلِكُهُ) أَيْ يَمْلِكُ الْمُبَاحَ (بِدُونِ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يَصْلُحُ الْوَكِيلُ نَائِبًا) عَنْ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ إثْبَاتُ وِلَايَةٍ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً لِلْوَكِيلِ، وَهَذَا لَمْ يُوجَدْ هَاهُنَا، فَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ الْوَكَالَةُ لَمْ تَثْبُتْ الشَّرِكَةُ.

وَاسْتَشْكَلَ بِالتَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مَعَ أَنَّ الْوَكِيلَ يَمْلِكُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ التَّوْكِيلِ وَبَعْدَهُ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ قَادِرًا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ وَهُوَ شَغْلُ ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ بِالثَّمَنِ لَوْلَا الْوَكَالَةُ فِيهَا تَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ أَنْ يَشْغَلَ ذِمَّتَهُ بِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ.

وَحَاصِلُ هَذَا أَنَّ التَّوْكِيلَ بِمَا يُوجِبُ حَقًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إثْبَاتِهِ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَالْكَلَامُ فِي التَّوْكِيلِ بِخِلَافِهِ، وَإِنَّمَا الْوَجْهُ أَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ سَبَبَ مِلْكِ الْمُبَاحِ سَبْقَ الْيَدِ إلَيْهِ، فَإِذَا وَكَّلَهُ بِهِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ سَبَقَ مِلْكُهُ لَهُ مِلْكَ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ قِيلَ عَلَيْهِ هَذَا إذَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ بِقَصْدِهِ لِنَفْسِهِ، فَأَمَّا إذَا قَصَدَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ فَلِمَ لَا يَكُونُ لِلْغَيْرِ؟ يُجَابُ بِأَنَّ إطْلَاقَ نَحْوِ قَوْلِهِ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ» لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ قَصْدٍ وَقَصْدٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَذَاهُ جَمِيعًا) يَعْنِي ثُمَّ خَلَطَاهُ وَبَاعَاهُ قُسِّمَ الثَّمَنُ عَلَى كَيْلِ أَوْ وَزْنِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَزْنِيًّا وَلَا كَيْلِيًّا قُسِّمَ عَلَى قِيمَةِ مَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مِقْدَارُ مَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صُدِّقَ كُلُّ وَاحِدٍ إلَى النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الِاكْتِسَابِ، وَكَانَ الْمُكْتَسَبُ فِي أَيْدِيهِمَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَالظَّاهِرُ يَشْهَدُ لَهُ فِي ذَلِكَ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ (وَإِنْ أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْمَلْ الْآخَرُ شَيْئًا فَهُوَ لِلْعَامِلِ) لِوُجُودِ السَّبَبِ مِنْهُ (وَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا وَأَعَانَهُ الْآخَرُ بِأَنْ قَلَعَهُ أَحَدُهُمَا، وَجَمَعَهُ الْآخَرُ أَوْ قَلَعَهُ أَحَدُهُمَا وَجَمَعَهُ وَالْآخَرُ حَمَلَهُ فَلِلْمُعِينِ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ ثَمَنِ ذَلِكَ) وَقَوْلُهُ (وَقَدْ عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ) يَعْنِي كِتَابَ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمَبْسُوطِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ وَجْهَ قَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَوَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُسَمَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>