يَصُومُ بَعْدَ هَذِهِ الْأَيَّامِ لِأَنَّهُ صَوْمٌ مُوَقَّتٌ فَيَقْضِي كَصَوْمِ رَمَضَانَ. وَقَالَ مَالِكٌ ﵀: يَصُومُ فِيهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾ وَهَذَا وَقْتُهُ. وَلَنَا النَّهْيُ الْمَشْهُورُ عَنْ الصَّوْمِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ النَّصُّ أَوْ يَدْخُلُهُ النَّقْصُ فَلَا يَتَأَدَّى بِهِ مَا وَجَبَ كَامِلًا، وَلَا يُؤَدِّي بَعْدَهَا لِأَنَّ الصَّوْمَ بَدَلٌ وَالْأَبْدَالُ لَا تُنْصَبُ إلَّا شَرْعًا، وَالنَّصُّ خَصَّهُ بِوَقْتِ الْحَجِّ وَجَوَازُ الدَّمِ عَلَى الْأَصْلِ.
لَا سَبَبِ شَيْءٍ آخَرَ، وَالْحُكْمُ هُنَا وُجُوبُ الصَّوْمِ وَجَوَازُهُ عَنْ الْوَاجِبِ، وَسَبَبُ الْأَوَّلِ وَهُوَ وُجُوبُ الصَّوْمِ إنَّمَا هُوَ التَّمَتُّعُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ أَيْ كَامِلَةٌ فِي كَوْنِهَا قَائِمَةً مَقَامَ الْهَدْيِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ.
وَالثَّانِي مُسَبَّبٌ عَنْ نَفْسِ الْأَدَاءِ فِي وَقْتِهِ بِشَرْطِهِ وَهُوَ الْعَجْزُ عَنْ الْهَدْيِ، لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ الْمَأْمُورَ إذَا أَتَى بِهِ كَذَلِكَ يَثْبُتُ لَهُ صِفَةُ الْجَوَازِ وَانْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ بِنَفْسِ الْإِتْيَانِ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ حَاجَةً إلَى ذِكْرِهِ، بَلْ إذَا أَتَى بِهِ بَعْدَ الْفَرَاغَ قَبْلَ الرُّجُوعِ فَقَدْ أَتَى بِهِ فِي وَقْتِهِ بِالنَّصِّ فَيَجُوزُ
(قَوْلُهُ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ) أَيْ بِالنَّهْيِ الْمَشْهُورِ عَنْ صَوْمِ هَذِهِ الْأَيَّامِ (النَّصُّ) وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾: لِأَنَّ الْمَشْهُورَ يَتَقَيَّدُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ بِهِ فَيَتَقَيَّدُ وَقْتُ الْحَجِّ الْمُطْلَقِ بِمَا لَمْ يُنْهَ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَوْ يَدْخُلُهُ النَّقْصُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute