(وَإِنْ حَلَقَ الرَّقَبَةَ كُلَّهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ)؛ لِأَنَّهُ عُضْوٌ مَقْصُودٌ بِالْحَلْقِ. (وَإِنْ حَلَقَ الْإِبْطَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَعَلَيْهِ دَمٌ)؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُودٌ بِالْحَلْقِ لِدَفْعِ الْأَذَى وَنَيْلِ الرَّاحَةِ فَأَشْبَهَ الْعَانَةَ.
ذَكَرَ فِي الْإِبْطَيْنِ الْحَلْقَ هَاهُنَا وَفِي الْأَصْلِ النَّتْفُ وَهُوَ السُّنَّةُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ) رَحِمَهُمَا اللَّهُ: (إذَا حَلَقَ عُضْوًا فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَطَعَامٌ)
الْأَقَلِّ مِنْهُ الطَّعَامَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ فِي حَلْقِ الْأَكْثَرِ الدَّمَ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ يَجِبُ الدَّمُ بِحَلْقِ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ بِهِ الْأَشْيَاءُ الشَّرْعِيَّةُ فَيُقَامُ مَقَامَ الْكُلِّ احْتِيَاطًا. هَذَا فَلَوْ كَانَ أَصْلَعَ عَلَى نَاصِيَتِهِ أَقَلُّ مِنْ رُبُعِ شَعْرِهَا فَإِنَّمَا فِيهِ صَدَقَةٌ، وَكَذَا لَوْ حَلَقَ كُلَّ رَأْسِهِ وَمَا عَلَيْهِ أَقَلُّ مِنْ رُبُعِ شَعْرِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ قَدْرُ رُبُعِ شَعْرِهِ لَوْ كَانَ شَعْرُ رَأْسِهِ كَامِلًا فَفِيهِ دَمٌ، وَعَلَى هَذَا يَجِيءُ مِثْلُهُ فِيمَنْ بَلَغَتْ لِحْيَتُهُ الْغَايَةَ فِي الْخِفَّةِ. وَفِي الْمَرْغِينَانِيِّ: حَلَقَ رَأْسَهُ وَأَرَاقَ دَمًا ثُمَّ حَلَقَ لِحْيَتَهُ وَهُوَ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ آخَرُ، وَلَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَإِبْطَيْهِ وَكُلَّ بَدَنِهِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَدَمٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمَجَالِسُ فَلِكُلِّ مَجْلِسٍ مُوجِبُ جِنَايَتِهِ فِيهِ عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ دَمٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمَجَالِسُ مَا لَمْ يُكَفِّرْ لِلْأَوَّلِ، وَتَقَدَّمَ فِي الطِّيبِ مِثْلُهُ.
اعْتَبَرَهُ بِمَا لَوْ حَلَقَ فِي مَجْلِسٍ رُبُعَ رَأْسِهِ، وَفِي آخَرَ رُبْعًا آخَرَ حَتَّى أَتَمَّهَا فِي أَرْبَعَةِ مَجَالِسَ يَلْزَمُهُ دَمٌ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا مَا لَمْ يُكَفِّرْ لِلْأَوَّلِ. وَالْفَرْقُ لَهُمَا أَنَّ هَذِهِ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الْمَجَالِسُ؛ لِاتِّحَادِ مَحِلِّهَا، وَهُوَ الرَّأْسُ. هَذَا فَأَمَّا مَا فِي مَنَاسِكِ الْفَارِسِيِّ مِنْ قَوْلِهِ: وَمَا سَقَطَ مِنْ شَعَرَاتِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِنْدَ الْوُضُوءِ لَزِمَهُ كَفٌّ مِنْ طَعَامٍ إلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ، فَإِنْ بَلَغَ عَشْرًا لَزِمَهُ دَمٌ. وَكَذَا إذَا خُبِزَ فَاحْتَرَقَ ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الدَّمُ هُوَ الرُّبْعُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا.
نَعَمْ فِي الثَّلَاثِ كَفٌّ مِنْ طَعَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ: وَإِنْ نَتَفَ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ شَعَرَاتٍ فَفِي كُلِّ شَعْرَةٍ كَفٌّ مِنْ طَعَامٍ، وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ فِي خُصْلَةٍ نِصْفُ صَاعٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عُضْوٌ مَقْصُودٌ بِالْحَلْقِ) يَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لِلرَّاحَةِ وَالزِّينَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَقَ الْإِبْطَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَعَلَيْهِ دَمٌ) الْمَعْرُوفُ هَذَا الْإِطْلَاقُ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي الْإِبْطِ إنْ كَانَ كَثِيرَ الشَّعْرِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الرُّبُعُ؛ لِوُجُوبِ الدَّمِ وَإِلَّا فَالْأَكْثَرُ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ) تَخْصِيصُ قَوْلِهِمَا لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute