وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ، وَفِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ، وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ وَمِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ مَا يُشْبِهُ الْمَقْتُولَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَا تَكُونُ نَعَمًا. وَالصَّحَابَةُ ﵃ أَوْجَبُوا النَّظِيرَ مِنْ حَيْثُ الْخِلْقَةُ وَالْمَنْظَرُ فِي النَّعَامَةِ وَالظَّبْيِ وَحِمَارِ الْوَحْشِ وَالْأَرْنَبِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.
وَقَالَ ﷺ «الضَّبُعُ صَيْدٌ وَفِيهِ شَاةٌ» وَمَا لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ﵀ تَجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ مِثْلَ الْعُصْفُورِ وَالْحَمَامِ وَأَشْبَاهِهِمَا. وَإِذَا وَجَبَتْ الْقِيمَةُ كَانَ قَوْلُهُ كَقَوْلِهِمَا. وَالشَّافِعِيُّ ﵀ يُوجِبُ فِي الْحَمَامَةِ شَاةً وَيُثْبِتُ الْمُشَابَهَةَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعُبُّ وَيَهْدِرُ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الْمِثْلَ الْمُطْلَقَ هُوَ الْمِثْلُ صُورَةً وَمَعْنًى، وَلَا يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ فَحُمِلَ عَلَى
الْعَنَاقِ، وَالْأُنْثَى جَفْرَةٌ بِالْجِيمِ (قَوْلُهُ: فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُمَاثِلِ فِي الصُّورَةِ، وَلَفْظُ ﴿مِنَ النَّعَمِ﴾ بَيَانٌ لِلْجَزَاءِ أَوْ لِلْمِثْلِ، وَالْقِيمَةُ لَيْسَتْ نَعَمًا وَلِذَا أَوْجَبَ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - الْمِثْلَ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ فِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ " أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ، وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ، وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ " وَرَوَى الشَّافِعِيُّ حَدِيثًا " أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - قَالُوا: فِي النَّعَامَةِ يَقْتُلُهَا الْمُحْرِمُ بَدَنَةٌ مِنْ الْإِبِلِ "، وَفِيهِ ضَعْفٌ وَانْقِطَاعٌ، فَلِذَا قَالَ عَقِيبَهُ: إنَّمَا نَقُولُ: إنَّ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةً بِالْقِيَاسِ لَا بِهَذَا الْأَثَرِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ. اهـ.
لَكِنْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " فِي حَمَامَةِ الْحَرَمِ شَاةٌ، وَفِي بَيْضَتَيْنِ دِرْهَمٌ، وَفِي النَّعَامَةِ جَزُورٌ، وَفِي الْبَقَرَةِ بَقَرَةٌ، وَفِي الْحِمَارِ بَقَرَةٌ " (وَقَالَ ﷺ «الضَّبُعُ صَيْدٌ وَفِيهِ شَاةٌ») رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ الضَّبُعِ أَصَيْدٌ هُوَ؟ قَالَ نَعَمْ، وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ» وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «الضَّبُعُ صَيْدٌ، فَإِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ فَفِيهِ كَبْشٌ مُسِنٌّ وَيُؤْكَلُ» وَقَالَ صَحِيحٌ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ (قَوْلُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الْمِثْلَ الْمُطْلَقَ هُوَ الْمِثْلُ صُورَةً وَمَعْنًى) وَهُوَ الْمُشَارِكُ فِي النَّوْعِ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ، فَبَقِيَ أَنْ يُرَادَ الْمِثْلُ مَعْنًى وَهُوَ الْقِيمَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute