للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا مَرَّ بِهِ مُحْرِمًا سَاكِنًا.

وَعِنْدَهُ بِعَوْدِهِ مُحْرِمًا مُلَبِّيًا؛ لِأَنَّ الْعَزِيمَةَ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا تَرَخَّصَ بِالتَّأْخِيرِ إلَى الْمِيقَاتِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ حَقِّهِ بِإِنْشَاءِ التَّلْبِيَةِ فَكَانَ التَّلَافِي بِعَوْدِهِ مُلَبِّيًا، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ إذَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ بَعْدَ الْمُجَاوَزَةِ مَكَانَ الْعُمْرَةِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا. وَلَوْ عَادَ بَعْدَمَا ابْتَدَأَ بِالطَّوَافِ، وَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ يَسْقُطُ بِالِاتِّفَاقِ (وَهَذَا) الَّذِي ذَكَرْنَا (إذَا كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ،

إذَا وَقَفَ نَهَارًا إمَّا الْكَوْنُ بِهَا وَقْتَ الْغُرُوبِ أَوْ مَدُّهُ إلَى الْغُرُوبِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ.

وَبِالْعَوْدِ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمْ يُتَدَارَكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، أَمَّا مَا نَحْنُ فِيهِ فَالْوَاجِبُ التَّعْظِيمُ بِالْكَوْنِ مُحْرِمًا فِي الْمِيقَاتِ؛ لِيَقْطَعَ الْمَسَافَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مُتَّصِفًا بِصِفَةِ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا حَاصِلٌ بِالرُّجُوعِ مُحْرِمًا إلَيْهِ. وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تَجِبُ التَّلْبِيَةُ فِيهِ، إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ أَلْزَمَ؛ لِسُقُوطِ الدَّمِ التَّلْبِيَةَ تَحْصِيلًا لِلصُّورَةِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ، وَفِي صُورَةِ إنْشَاءِ الْإِحْرَامِ لَا بُدَّ مِنْ التَّلْبِيَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا، وَكَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يُجْبِرَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ مُحْرِمًا حَتَّى جَاوَزَ الْمِيقَاتَ فَلَبَّى ثُمَّ رَجَعَ وَمَرَّ بِهِ وَلَمْ يُلَبِّ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِي تَعْظِيمِ الْبَيْتِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَادَ بَعْدَمَا ابْتَدَأَ بِالطَّوَافِ) وَلَوْ شَوْطًا (لَا يَسْقُطُ بِالِاتِّفَاقِ)؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ بِالرُّجُوعِ بِاعْتِبَارِ مُبْتَدَإِ الْإِحْرَامِ عِنْدَ الْمِيقَاتِ، وَهَذَا الِاعْتِبَارُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْأَفْعَالِ يَسْتَلْزِمُ اعْتِبَارَ بُطْلَانِ مَا وُجِدَ مِنْهُ مِنْ الطَّوَافِ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ مُعْتَدًّا بِهِ فَكَانَ اعْتِبَارًا مَلْزُومًا؛ لِلْفَاسِدِ وَمَلْزُومُ الْفَاسِدِ فَاسِدٌ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَعُدْ حَتَّى شَرَعَ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطُوفَ؛ لِمَا ذَكَرْنَاهُ بِعَيْنِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ) يُوهِمُ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ إذَا جَاوَزَ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَجَبَ الدَّمُ إلَّا أَنْ يَتَلَافَاهُ مَحِلُّهُ مَا إذَا كَانَ الْكُوفِيُّ قَاصِدًا لِلنُّسُكِ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بَلْ قَصَدَ التِّجَارَةَ أَوْ السِّيَاحَةَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>