وَلَهُ أَنَّ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ قَدْ تَأَكَّدَ بِأَدَاءِ شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهَا، وَإِحْرَامُ الْحَجِّ لَمْ يَتَأَكَّدْ، وَرَفْضُ غَيْرُ الْمُتَأَكِّدِ أَيْسَرُ؛ وَلِأَنَّ فِي رَفْضِ الْعُمْرَةِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ إبْطَالَ الْعَمَلِ.
وَفِي رَفْضِ الْحَجِّ امْتِنَاعٌ عَنْهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ بِالرَّفْضِ أَيُّهُمَا رَفَضَهُ؛ لِأَنَّهُ تَحَلَّلَ قَبْلَ أَوَانِهِ؛ لِتَعَذُّرِ الْمُضِيِّ فِيهِ فَكَانَ فِي مَعْنَى الْمُحْصَرِ إلَّا أَنَّ فِي رَفْضِ الْعُمْرَةِ قَضَاءَهَا لَا غَيْرُ، وَفِي رَفْضِ الْحَجِّ قَضَاؤُهُ وَعُمْرَةٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى فَائِتِ الْحَجِّ (وَإِنْ مَضَى عَلَيْهِمَا أَجْزَأَهُ)؛ لِأَنَّهُ أَدَّى أَفْعَالَهُمَا كَمَا الْتَزَمَهُمَا، غَيْرَ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا وَالنَّهْيُ لَا يَمْنَعُ تَحَقُّقَ الْفِعْلِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ أَصْلِنَا (وَعَلَيْهِ دَمٌ؛ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا)؛ لِأَنَّهُ تَمَكَّنَ النُّقْصَانُ فِي عَمَلِهِ لِارْتِكَابِهِ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ، وَهَذَا فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ دَمُ جَبْرٍ، وَفِي حَقِّ الْآفَاقِيِّ دَمُ شُكْرٍ (وَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَحْرَمَ يَوْمَ النَّحْرِ بِحَجَّةٍ أُخْرَى،
وَجْهٍ كَانَ عَلَيْهِ الدَّمُ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَوْرَدَ وَجْهَيْنِ: الثَّانِيَ مِنْهُمَا دَافِعٌ لِمَا يُتَوَهَّمُ مِمَّا أَوْرَدَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ عَلَى الْأَوَّلِ. وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْأَكْثَرُ كَالْكُلِّ فِي اعْتِبَارِ الشَّرْعِ لَزِمَهُ أَنَّ الْأَقَلَّ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْوُجُودِ فِي اعْتِبَارِهِ بَلْ حُكْمُ الْعَدَمِ؛ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَى الْكُلِّ إلَّا نَفْسُ الشَّيْءِ، فَعَدَمُ اعْتِبَارِ الْأَقَلِّ كَالْكُلِّ هُوَ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ ذَلِكَ الشَّيْءِ مَوْجُودًا فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا عَدَمًا، فَيَلْزَمُ اعْتِبَارُ هَذَا الْبَعْضِ عَدَمًا إذْ لَا عِبْرَةَ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ الْكُلِّ إذْ لَا تَصِحُّ الْعِبَادَةُ مَا لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute