قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: وَمَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى هَذَا (فَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجَّةٍ فَإِنَّهُ يَرْفُضُهَا)؛ لِأَنَّ فَائِتَ الْحَجِّ يَتَحَلَّلُ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقَلِبَ إحْرَامُهُ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ عَلَى مَا يَأْتِيك فِي بَابِ الْفَوَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَيَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَ الْعُمْرَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْأَفْعَالُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفُضَهَا كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَتَيْنِ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَ الْحَجَّتَيْنِ إحْرَامًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفُضَهَا كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ فِيهَا وَدَمٌ لِرَفْضِهَا بِالتَّحَلُّلِ قَبْلَ أَوَانِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
لِلْقُدُومِ، فَادِّعَاءُ أَنَّهُ طَوَافُ الْقُدُومِ ادِّعَاءُ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى مُقْتَضَى الدَّلِيلِ، وَاعْتِقَادِي أَنَّ اسْتِنَانَهُ؛ لِإِيقَاعِ سَعْيِ الْحَجِّ، فَإِنَّ السَّعْيَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا مُرَتَّبًا عَلَى طَوَافٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ رُخِّصَ فِي تَقْدِيمِ السَّعْيِ عَلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَكَانَ الثَّابِتُ فِي الْآثَارِ بَيَانَ طَرِيقِ تَقْدِيمِ سَعْيِ الْحَجِّ لِلْقَارِنِ. وَعَنْ هَذَا قُلْنَا فِي الْمُتَمَتِّعِ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ لَهُ أَنْ يَطُوفَ طَوَافًا يَتَنَفَّلُ بِهِ ثُمَّ يَسْعَى بَعْدَهُ؛ لِلْحَجِّ، وَلَيْسَ هُوَ طَوَافُ الْقُدُومِ. نَعَمْ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَارِنَ لَوْ لَمْ يُرِدْ تَقْدِيمَ السَّعْيِ لَا يُسَنُّ فِي حَقِّهِ طَوَافٌ آخَرُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْتِزَامِهِ حَالٌ، وَغَايَةُ مَا يَلْزَمُ إذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِنَانِ طَوَافَيْنِ مُطْلَقًا: أَعْنِي غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِقَصْدِ تَقْدِيمِ السَّعْيِ كَوْنُ تَقْدِيمِ السَّعْيِ سُنَّةً لِلْقَارِنِ وَلَا ضَرَرَ فِي الْتِزَامِهِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: وَمَشَايِخُنَا عَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى وُجُوبِ الرَّفْضِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَلْقِ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ وَاجِبَاتٌ مِنْ الْحَجِّ كَالرَّمْيِ وَطَوَافِ الصَّدْرِ وَسُنَّةِ الْمَبِيتِ، وَقَدْ كُرِهَتْ الْعُمْرَةُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَيْضًا فَيَصِيرُ بَانِيًا أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ بِلَا رَيْبٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute