للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ كَانَ قَارِنًا بَعَثَ بِدَمَيْنِ) لِاحْتِيَاجِهِ إلَى التَّحَلُّلِ مِنْ إحْرَامَيْنِ، فَإِنْ بَعَثَ بِهَدْيٍ وَاحِدٍ لِيَتَحَلَّلَ عَنْ الْحَجِّ وَيَبْقَى فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ لَمْ يَتَحَلَّلْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ مِنْهُمَا شُرِعَ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ.

(وَلَا يَجُوزُ ذَبْحُ دَمِ الْإِحْصَارِ إلَّا فِي الْحَرَمِ، وَيَجُوزُ ذَبْحُهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا: لَا يَجُوزُ الذَّبْحُ لِلْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ إلَّا فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَيَجُوزُ لِلْمُحْصَرِ بِالْعُمْرَةِ مَتَى شَاءَ) اعْتِبَارًا بِهَدْيِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ، وَرُبَّمَا يَعْتَبِرَانِهِ بِالْحَلْقِ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحَلَّلٌ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ

كَانَ ظَاهِرًا فِي اعْتِقَادِهِ إطْلَاقَ الْوُجُوبِ فَلَا يَجِبُ عِنْدَهُمَا الْحَلْقُ سَوَاءٌ أُحْصِرَ فِي الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّحَلُّلَ مِنْهُمَا شُرِعَ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ لَيْسَ غَيْرُ، قَالَ «فَلَا أُحِلُّ حَتَّى أُحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» فِي الصَّحِيحِ.

(قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا يُعْتَبَرُ أَنَّهُ إلَخْ) أَمَّا اعْتِبَارُهُمَا إيَّاهُ بِالْحَلْقِ فَبِجَامِعِ أَنَّهُ مُحَلَّلٌ وَهُوَ إلْزَامِيٌّ، فَإِنَّهُمَا لَا يَقُولَانِ بِتَوَقُّتِ الْحَلْقِ فِي الْحَرَمِ بَلْ مِنْ حَيْثُ السُّنِّيَّةُ، وَالْمُلْحَقُ هُنَا عِنْدَهُمَا اللُّزُومُ، وَالْإِلْزَامِيُّ لَا يُفِيدُ فِي الْمَطْلُوبِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ الْخَصْمُ بِالْخَطَأِ فِي أَحَدِهِمَا فَقَالَ أَعْتَرِفُ بِالْخَطَإِ فِي أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ عَدَمِ تَوْقِيتِ الذَّبْحِ بِالزَّمَانِ أَوْ تَوْقِيتِ الْحَلْقِ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ خَطَؤُهُ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ عَيْنًا. وَأَمَّا اعْتِبَارُهُمَا بِهَدْيِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ فَبِجَامِعِ أَنَّهُ هَدْيٌ تَتَعَلَّقُ الْقُرْبَةُ فِيهِ بِنَفْسِ الْإِرَاقَةِ، وَهُوَ مُعَارَضٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ دِمَاءِ الْكَفَّارَاتِ، وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْجَامِعَ فِي قِيَاسِهِمَا إنَّمَا هُوَ أَثَرُهُ فِي تَوَقُّتِهِ بِالْمَكَانِ بِسَبَبِ أَنَّهُ اسْمٌ إضَافِيٌّ، إذْ مَعْنَاهُ مَا يُهْدَى إلَى مَكَان وَذَلِكَ الْمَكَانُ هُوَ الْحَرَمُ بِالِاتِّفَاقِ وَالنَّصِّ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ وَتَوَقُّتُهُ بِالزَّمَانِ لَيْسَ مَعْلُولًا؛ لِكَوْنِهِ هَدْيًا، بَلْ اتَّفَقَ مَعَهُ اتِّفَاقًا حُكْمًا شَرْعِيًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>