للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الِاغْتِسَالُ بِهِ فَقَدْ قِيلَ يَجُوزُ عِنْدَهُ اعْتِبَارًا بِالْوُضُوءِ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فَوْقَهُ، وَالنَّبِيذُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ حُلْوًا رَقِيقًا يَسِيلُ عَلَى الْأَعْضَاءِ كَالْمَاءِ، وَمَا اشْتَدَّ مِنْهَا صَارَ حَرَامًا لَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ، وَإِنْ غَيَّرَتْهُ النَّارُ فَمَا دَامَ حُلْوًا رَقِيقًا فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ، وَإِنْ اشْتَدَّ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ لِأَنَّهُ يَحِلُّ شُرْبُهُ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَتَوَضَّأُ بِهِ لِحُرْمَةِ شُرْبِهِ عِنْدَهُ، وَلَا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْأَنْبِذَةِ جَرْيًا عَلَى قَضِيَّةِ الْقِيَاسِ.

لِتَأَخُّرِهَا إذْ هِيَ مَدَنِيَّةٌ وَعَلَى هَذَا مَشَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ بِوُجُوبِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْوُضُوءِ بِهِ وَالتَّيَمُّمِ رِوَايَةٌ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ قَالَ: التَّوَضُّؤُ بِنَبِيذِ التَّمْرِ جَائِزٌ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَشْرِبَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، وَيَتَيَمَّمُ مَعَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: يَتَوَضَّأُ وَلَا يَتَيَمَّمُ وَفِي رِوَايَةٍ: يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ. وَرَوَى نُوحٌ الْجَامِعُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ ثُمَّ قَالَ فِي الْخِزَانَةِ. قَالَ: مَشَايِخُنَا إنَّمَا اخْتَلَفَتْ أَجْوِبَتُهُ لِاخْتِلَافِ الْمَسَائِلِ، وَسُئِلَ مَرَّةً إنْ كَانَ الْمَاءُ غَالِبًا، قَالَ يَتَوَضَّأُ، وَسُئِلَ مَرَّةً إنْ كَانَتْ الْحَلَاوَةُ غَالِبَةً قَالَ يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ، وَسُئِلَ مَرَّةً إذَا لَمْ يَدْرِ أَيُّهُمَا الْغَالِبُ قَالَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى هَذَا يَجِبُ التَّفْصِيلُ فِي الْغُسْلِ إنْ كَانَ النَّبِيذُ غَالِبَ الْحَلَاوَةِ قَرِيبًا مِنْ سَلْبِ الِاسْمِ لَا يَغْتَسِلُ بِهِ أَوْ ضِدَّهُ فَيَغْتَسِلُ إلْحَاقًا بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ أَوْ مُتَرَدَّدًا فِيهِ يَجْمَعُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُلَاحِظُوا هَذَا الْمَبْنَى فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ صُحِّحَ فِي الْمَبْسُوطِ الْجَوَازُ، وَصُحِّحَ فِي الْمُفِيدِ عَدَمُ الْجَوَازِ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ الْحَدَثَيْنِ. [فَرْعٌ]

إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ التَّوَضُّؤِ بِهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَالتَّيَمُّمِ، لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْمَاءِ حَتَّى لَا يَجُوزَ بِهِ حَالَ وُجُودِ الْمَاءِ وَيُنْتَقَضُ بِهِ إذَا وُجِدَ، ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>