(وَإِنْ كَانَ يُدْرِكُ الْحَجَّ وَالْهَدْيَ لَزِمَهُ التَّوَجُّهُ) لِزَوَالِ الْعَجْزِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْخَلَفِ، وَإِذَا أَدْرَكَ هَدْيَهُ صَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَقَدْ كَانَ عَيَّنَهُ لِمَقْصُودٍ اسْتَغْنَى عَنْهُ (وَإِنْ كَانَ يُدْرِكُ الْهَدْيَ دُونَ الْحَجِّ يَتَحَلَّلُ) لِعَجْزِهِ عَنْ الْأَصْلِ (وَإِنْ كَانَ يُدْرِكُ الْحَجَّ دُونَ الْهَدْيِ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ) اسْتِحْسَانًا، وَهَذَا التَّقْسِيمُ لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّ دَمَ الْإِحْصَارِ عِنْدَهُمَا يَتَوَقَّتُ بِيَوْمِ النَّحْرِ، فَمَنْ يُدْرِكُ الْحَجَّ يُدْرِكُ الْهَدْيَ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَفِي الْمُحْصَرِ بِالْعُمْرَةِ يَسْتَقِيمُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِعَدَمِ تَوَقُّتِ الدَّمِ بِيَوْمِ النَّحْرِ. وَجْهُ الْقِيَاسِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ ﵀ أَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْحَجُّ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ، وَهُوَ الْهَدْيُ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّا لَوْ أَلْزَمْنَاهُ التَّوَجُّهُ لَضَاعَ مَالُهُ؛ لِأَنَّ الْمَبْعُوثَ عَلَى يَدَيْهِ الْهَدْيُ يَذْبَحُهُ وَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُهُ، وَحُرْمَةُ الْمَالِ كَحُرْمَةِ النَّفْسِ، وَلَهُ الْخِيَارُ
الْوَجْهِ الَّذِي تَلْزَمُهُ وَهُوَ كَوْنُهُ عَلَى وَجْهٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ إذْ بِفَوَاتِ الْحَجِّ يَفُوتُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ التَّوَجُّهُ) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِالْهَدْيِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ؛ لِعَجْزِهِ عَنْ إدْرَاكِ الْحَجِّ وَقَدْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ الْخَلَفُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ) وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ فَكَذَا عَلَى مَالِهِ) فَإِنَّا رَأَيْنَا الشَّرْعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ أَنْزَلَ الْمَالَ كَالنَّفْسِ حَتَّى أَبَاحَ الْقِتَالَ دُونَهُ وَالْقَتْلُ كَالنَّفْسِ. وَفِي الْبَدَائِعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إدْرَاكِ الْهَدْيِ صَارَ كَأَنَّ الْإِحْصَارَ زَالَ عَنْهُ بِالذَّبْحِ فَيَحِلُّ بِهِ، وَلِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ مَضَى؛ لِسَبِيلِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمَبْعُوثِ مَعَهُ بِالذَّبْحِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الذَّهَابِ بَعْدَمَا ذُبِحَ عَنْهُ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute