وَالْمَاءُ مَعْدُومٌ حَقِيقَةً وَالْمُعْتَبَرُ الْمَسَافَةُ دُونَ خَوْفِ الْفَوْتِ لِأَنَّ التَّفْرِيطَ يَأْتِي مِنْ قِبَلِهِ (وَلَوْ كَانَ يَجِدُ الْمَاءَ إلَّا أَنَّهُ مَرِيضٌ يَخَافُ إنْ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ اشْتَدَّ مَرَضُهُ
أَوْ مِيلَانِ إنْ كَانَ الْمَاءُ أَمَامَهُ وَإِلَّا فَمِيلٌ، أَوْ لَوْ صَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ لَمْ يَسْمَعْهُ أَهْلُ الْمَاءِ لِأَنَّهُ لَا تَحْرِيرَ لِهَذَا لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ، وَبِالْمِيلِ يَتَحَقَّقُ الْحَرَجُ لَوْ أُلْزِمَ الذَّهَابَ إلَى الْمَاءِ بِالنَّظَرِ إلَى جِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ، وَمَا شُرِعَ التَّيَمُّمُ إلَّا لِدَفْعِ الْحَرَجِ. وَلِذَا قَدَّمَ فِي الْآيَةِ الْمَرْضَى عَلَى الْمُسَافِرِينَ لِأَنَّهُمْ أَحْوَجُ إلَى الرُّخْصَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ، ثُمَّ الْمِيلُ فِي تَقْدِيرِ ابْنِ شُجَاعٍ ثَلَاثَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَخَمْسمِائَةٍ إلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَفِي تَفْسِيرِ غَيْرِهِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَهُوَ ثُلُثُ الْفَرْسَخِ، وَضُبِطَ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ:
إنَّ الْبَرِيدَ مِنْ الْفَرَاسِخِ أَرْبَعُ … وَلِفَرْسَخٍ فَثَلَاثُ أَمْيَالٍ ضَعُوا
وَالْمِيلُ أَلْفٌ أَيْ مِنْ الْبَاعَاتِ قُلْ … وَالْبَاعُ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ فَتَتْبَعُوا
ثُمَّ الذِّرَاعُ مِنْ الْأَصَابِعِ أَرْبَعٌ … مِنْ بَعْدِهَا عِشْرُونَ ثُمَّ الْأُصْبُعُ
سِتُّ شَعِيرَةٍ فَظَهْرُ شَعِيرَةٍ … مِنْهَا إلَى بَطْنٍ لِأُخْرَى تُوضَعُ
ثُمَّ الشَّعِيرَةُ سِتُّ شَعَرَاتٍ فَقُلْ … مِنْ شَعْرِ بَغْلٍ لَيْسَ فِيهَا مِدْفَعُ
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: إنَّ الْمَاءَ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إلَيْهِ وَتَوَضَّأَ تَذْهَبُ الْقَافِلَةُ وَتَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ فَهُوَ بَعِيدٌ وَيَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ، وَهَذَا حَسَنٌ جِدًّا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ الْمَسَافَةُ إلَخْ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ زُفَرٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ الْفَوْتِ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ أَقَلَّ مِنْ مِيلٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ يَجِدُ الْمَاءَ إلَّا أَنَّهُ مَرِيضٌ يَخَافُ إنْ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ اشْتَدَّ مَرَضُهُ) أَوْ أَبْطَأَ بُرْؤُهُ يَتَيَمَّمُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَدَّ بِالتَّحَرُّكِ كَالْمُشْتَكِي مِنْ الْعَرَقِ الْمُدْنِي وَالْمَبْطُونِ أَوْ بِالِاسْتِعْمَالِ كَالْجُدَرِيِّ وَنَحْوِهِ، أَوْ كَانَ لَا يَجِدُ مَنْ يُوَضِّئُهُ وَلَا يَقْدِرُ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ وَجَدَ خَادِمًا لَهُ أَوْ مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ أَجِيرًا أَوْ عِنْدَهُ مَنْ لَوْ اسْتَعَانَ بِهِ أَعَانَهُ فَعَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لَا يَتَيَمَّمُ لِأَنَّهُ قَادِرٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّجْنِيسِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ وُجُوبَ الْوُضُوءِ: فِيمَا قُلْنَا بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَرِيضِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلَاةِ وَمَعَهُ قَوْمٌ لَوْ اسْتَعَانَ بِهِمْ فِي الْإِقَامَةِ وَالثَّبَاتِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute