(وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ ابْنَةِ أَخِيهَا أَوْ ابْنَةِ أُخْتِهَا) لِقَوْلِهِ ﵊ «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا وَلَا عَلَى ابْنَةِ أَخِيهَا وَلَا عَلَى ابْنَةِ أُخْتِهَا» وَهَذَا مَشْهُورٌ،
الْمَوْطُوءَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، هَذَا مَعَ أَنَّ الْفَاسِدَ لَيْسَ حُكْمُ الْوَطْءِ فِيهِ إذَا سُمِّيَ فِيهِ الْعُقْرُ بَلْ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا جِنْسًا أَوْ قَدْرًا قُضِيَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِرُبْعِ مَهْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ تَسْمِيَةٌ تَجِبُ مُتْعَةُ وَاحِدَةٍ لَهُمَا بَدَلُ نِصْفِ الْمَهْرِ.
وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ثَابِتَةٌ بَيْنَ كُلِّ مَنْ لَا يَجُوزُ جَمْعُهُ مِنْ الْمَحَارِمِ، وَالتَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ دَعْوَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا: أَيْ دَعْوَاهَا أَنَّهَا الْأُولَى أَوْ يَصْطَلِحَانِ بِأَنْ يَقُولَا نِصْفَ الْمَهْرِ لَنَا عَلَيْهِ لَا يَعْدُونَا فَنَصْطَلِحُ عَلَى أَخْذِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ يَنْدَفِعُ بِهِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُمَا لِجَهَالَةِ الْمَقْضِيِّ لَهَا، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ عِنْدِي أَلْفٌ لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ لِجَهَالَةِ الْمَقْضِيِّ لَهُ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَلَيْهِ مَهْرًا كَامِلًا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، لِأَنَّ الزَّوْجَ أَقَرَّ بِجَوَازِ نِكَاحِ إحْدَاهُمَا فَيَجِبُ مَهْرٌ كَامِلٌ. وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ إيجَابُ الْقَضَاءِ بِمَا تَحَقَّقَ عَدَمُ لُزُومِهِ، فَإِنَّ إيجَابَ كَمَالِهِ حُكْمُ الْمَوْتِ أَوْ الدُّخُولِ
(قَوْلُهُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ ابْنَةِ أَخِيهَا أَوْ ابْنَةِ أُخْتِهَا) تَكْرَارٌ لِغَيْرِ دَاعٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي نَفْيِ الْجَمْعِ، بِخِلَافِ مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا وَلَا عَلَى ابْنَةِ أَخِيهَا وَلَا عَلَى ابْنَةِ أُخْتِهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ مَنْعُ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا مَنْعَ الْقَلْبِ لِجَوَازِ تَخْصِيصِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ بِمَنْعِ نِكَاحِ ابْنَةِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ عَلَيْهِمَا دُونَ إدْخَالِهِمَا عَلَى الِابْنَةِ لِزِيَادَةِ تَكَرُّمَتِهِمَا عَلَى الِابْنَةِ، قَالَ ﷺ «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ» فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَيُؤْنِسُهُ حُرْمَةُ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ مَعَ جَوَازِ الْقَلْبِ فَكَانَ التَّكْرَارُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ إلَّا بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ التَّوَهُّمُ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَغَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي وَرَدَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لَمْ يَزِدْ فِيهِ عَلَى قَوْلِ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا». انْتَهَى فِي الصَّحِيحَيْنِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَشْهُورٌ) أَعْنِي الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ ثَابِتٌ فِي صَحِيحَيْ مُسْلِمٍ وَابْنِ حَبَّانِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَتَلَقَّاهُ الصَّدْرُ الْأَوَّلُ بِالْقَبُولِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَرَوَاهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute