. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَّا بِتَنْفِيذِهِ بَاطِنًا، إذْ لَوْ بَقِيَتْ الْحُرْمَةُ تَكَرَّرَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي طَلَبِهَا الْوَطْءَ أَوْ طَلَبِهِ مَعَ امْتِنَاعِ الْآخَرِ لِعِلْمِهِ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُ الْإِنْشَاءِ فَكَأَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ زَوَّجْتُكهَا وَقَضَيْت بِذَلِكَ كَقَوْلِك هُوَ حُرٌّ فِي جَوَابِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ حَيْثُ يَتَضَمَّنُ الْبَيْعُ مِنْهُ.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَكْمَلُ الدِّين أَنَّ بَعْضَ مَنْ حَضَرَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَغَارِبَةِ مَنَعَ الْحَصْرَ وَقَالَ يُمْكِنُ قَطْعُ الْمُنَازَعَةِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا، قَالَ فَأَجَبْته مَا تُرِيدُ بِالطَّلَاقِ، الطَّلَاقُ الْمَشْرُوعُ أَوْ غَيْرُهُ لَا عِبْرَةَ بِغَيْرِهِ، وَالْمَشْرُوعُ يَسْتَلْزِمُ الْمَطْلُوبَ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ. قَالَ شَيْخُنَا سِرَاجُ الدِّينِ: لَيْسَ بِجَوَابٍ صَحِيحٍ، إذْ لَهُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الطَّلَاقَ غَيْرَ الْمَشْرُوعِ، وَكَوْنُهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ فِي كَوْنِهِ طَلَاقًا صَحِيحًا لَا يَضُرُّ، إذْ قَدْ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ قَطْعَ الْمُنَازَعَةِ الْوَاجِبَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّنْفِيذِ بَاطِنًا لِيَجِبَ التَّنْفِيذُ بَاطِنًا بَلْ تَحَقَّقَ طَرِيقٌ آخَرُ لِقَطْعِ الْمُنَازَعَةِ وَهُوَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ فَلَمْ يَجِبْ التَّنْفِيذُ بَاطِنًا حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُوجَبٌ سِوَى انْحِصَارِ طَرِيقِ قَطْعِ الْمُنَازَعَةِ فِيهِ وَظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَنْحَصِرْ. وَالْحَقُّ أَنَّ قَطْعَ الْمُنَازَعَةِ يَنْتَهِضْ سَبَبًا لِلتَّنْفِيذِ بَاطِنًا فِيمَا إذَا كَانَ هُوَ الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ لَا فِيمَا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ لِمَا ذَكَرَ، فَفِيهِ قُصُورٌ عَنْ صُوَرِ الْمُدَّعِي وَهُوَ النَّفَاذُ بَاطِنًا فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ.
الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ وَهُوَ أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ بَيْنَ يَدَيْ عَلِيٍّ فَقَضَى عَلِيٌّ بِذَلِكَ. فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِي مِنْهُ بُدٌّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَزَوِّجْنِي مِنْهُ، فَقَالَ: شَاهِدَاك زَوْجَاك، يَخُصُّ مَا إذَا انْحَصَرَ قَطْعُ الْمُنَازَعَةِ فِي التَّنْفِيذِ بَاطِنًا فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْعَقِدْ بَاطِنًا لَأَجَابَهَا فِيمَا طَلَبَتْ لِلْحَقِيقَةِ الَّتِي عِنْدَهَا. وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُرَادَ بِالْمُنَازَعَةِ فِي قَوْلِهِ قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ اللَّجَاجُ الْمُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ لَا فَتَنَاوَلَ مَا إذَا لَجَّ الْأَوَّلُ فِي طَلَبِهَا بَاطِنًا بِأَنْ يَأْتِيَهَا لِقَصْدِ جِمَاعِهَا كَرْهًا أَوْ بِاسْتِرْضَائِهَا وَذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ وَالْحِلِّ الْبَاطِنِ.
وَفِي هَذَا بَعْدَ كَوْنِهِ مُنْشَأَ مَفْسَدَةِ التَّقَاتُلِ وَالسَّفْكِ لِكَوْنِهِ عُرْضَةً لَهُ بِاطِّلَاعِ الزَّوْجِ عَلَيْهِ قُبْحُ اجْتِمَاعِ زَوْجَيْنِ عَلَى امْرَأَةٍ أَحَدِهِمَا سِرًّا وَالْآخَرِ جَهْرًا، وَكُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ يَنْبُو عَنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ فَلَا تَنْقَطِعُ الْمُنَازَعَةُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَعَمِّيَّةِ إلَّا بِالْحُكْمِ بِالنَّفَاذِ بَاطِنًا وَثُبُوتِ الْحُرْمَةِ، فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِفَسْخِ الْقَاضِي فَعَمَّ الصُّوَرَ ثُمَّ عَلَى الْمُبْتَدِئِ بِالدَّعْوَى الْبَاطِلَةِ وَإِثْبَاتُهَا بِالطَّرِيقِ الْبَاطِلِ إثْمٌ يَا لَهُ مِنْ إثْمٍ غَيْرَ أَنَّ الْوَطْءَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حِلٍّ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْجَهُ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ عَلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً ثُمَّ ادَّعَى فَسْخَ بَيْعِهَا كَذِبًا وَبَرْهَنَ فَقَضَى بِهِ حَلَّ لِلْبَائِعِ وَطْؤُهَا وَاسْتِخْدَامُهَا مَعَ عِلْمِهِ بِكَذِبِ دَعْوَى الْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ بِالْعِتْقِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إتْلَافٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute