للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ الْعَاقِلَةِ الْبَالِغَةِ بِرِضَاهَا) وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ عَلَيْهَا وَلِيٌّ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ) رَحِمَهُمَا اللَّهُ (فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ) (أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِوَلِيٍّ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَنْعَقِدُ وُقُوفًا) وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِعِبَارَةِ النِّسَاءِ أَصْلًا لِأَنَّ النِّكَاحَ يُرَادُ لِمَقَاصِدِهِ وَالتَّفْوِيضُ إلَيْهِنَّ مُخِلٌّ بِهَا، إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا يَقُولُ: يَرْتَفِعُ الْخَلَلُ بِإِجَازَةِ الْوَلِيِّ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا إذَا كَانَ لَهَا وَلِيٌّ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْجَوَازِ مِنْ الْكُفْءِ لَا مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا مِنْ الْكُفْءِ وَغَيْرِهِ. وَرِوَايَتَانِ عَنْ مُحَمَّدٍ: انْعِقَادُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ إنْ أَجَازَهُ نَفَذَ وَإِلَّا بَطَلَ، إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ كُفْئًا وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ يُجَدِّدُ الْقَاضِي الْعَقْدَ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ. وَرِوَايَةُ رُجُوعِهِ إلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. فَتَحَصَّلَ أَنَّ الثَّابِتَ الْآنَ هُوَ اتِّفَاقُ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا مِنْ الْكُفْءِ وَغَيْرِهِ، هَذَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ تَرْتِيبِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ، وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ عَدَمُ الْجَوَازِ إلَّا بِوَلِيٍّ، وَكَذَا الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ حَيْثُ قَالَ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَجُوزُ إلَّا بِوَلِيٍّ وَهُوَ قَوْلُهُ الْأَخِيرُ فَلَا، وَرُجِّحَ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا أَقْدَمُ وَأَعْرَفُ بِمَذَاهِبِ أَصْحَابِنَا، لَكِنَّ ظَاهِرَ الْهِدَايَةِ اعْتِبَارُ مَا نَقَلَهُ السَّرَخْسِيُّ وَالتَّعْوِيلُ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إلَخْ. وَعَلَى الْمُخْتَارِ لِلْفَتْوَى لَوْ زَوَّجَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا نَفْسَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ وَدَخَلَ بِهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ، قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ تُحْفَظَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَإِنَّ الْمُحَلِّلَ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ غَيْرَ كُفْءٍ. وَأَمَّا لَوْ بَاشَرَ الْوَلِيُّ عَقْدَ الْمُحَلِّلِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ، وَإِذَا جَازَ مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي فَصْلِ الْكَفَاءَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يَنْعَقِدُ بِعِبَارَةِ النِّسَاءِ أَصْلًا أَصِيلَةً كَانَتْ أَوْ وَكِيلَةً.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ) شُرُوعٌ فِي الِاسْتِدْلَالِ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ، وَهُوَ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يُرَادُ لِذَاتِهِ بَلْ لِمَقَاصِدِهِ مِنْ السَّكَنِ وَالِاسْتِقْرَارِ لِتَحْصِيلِ النَّسْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>