وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الِاسْتِحْلَافِ فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ، وَسَتَأْتِيك
وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ سَكَتَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، أَمَّا لَوْ قَالَ طَلَبْت الشُّفْعَةَ حِينَ عَلِمْت بِالْبَيْعِ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَالْمُزَوَّجَةُ صَغِيرَةٌ مِنْ الْوَلِيِّ غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ إذَا قَالَتْ بَعْدَ الْبُلُوغِ كُنْت رَدَدْت حِينَ بَلَغَنِي الْخَبَرُ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ حِينَ بَلَغْت وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهُ.
وَعِنْدَنَا الْقَوْلُ لِمَنْ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الظَّاهِرُ هُوَ الْأَصْلُ بِحَسَبِ مَا يَتَبَادَرُ أَوْ بِحَسَبِ الْمَعْنَى، وَلَا يَخْفَى تَرَجُّحُ هَذَا الِاعْتِبَارِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ ادَّعَى بِدَعْوَاهُ سُكُوتَهَا تَمَلُّكَ بُضْعِهَا مِنْ غَيْرِ ظَاهِرٍ مَعَهُ وَهِيَ تُنْكِرُ، وَالظَّاهِرُ الِاسْتِمْرَارُ عَلَى الْحَالَةِ الْمُتَيَقَّنَةِ مِنْ عَدَمِ وُرُودِ مِلْكٍ عَلَيْهَا الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ، فَكَانَتْ هِيَ مُتَمَسِّكَةً بِأَصْلِ مَعْنًى هُوَ الظَّاهِرُ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهَا كَالْمُودَعِ يَدَّعِي رَدَّ الْوَدِيعَةِ وَالْمُودِعِ يُنْكِرُ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَمُدَّعِي الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ مُدَّعِيًا صُورَةً لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ الظَّاهِرِ وَهُوَ فَرَاغُ ذِمَّتِهِ لِكَوْنِهِ ظَاهِرًا لَا لِكَوْنِهِ أَصْلًا، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ ثَبَتَ صَحِيحًا فِي الْأَصْلِ وَقَدْ لَزِمَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ ظَاهِرًا فَالتَّمَسُّكُ بِعَدَمِهِ تَمَسُّكٌ بِالظَّاهِرِ، وَكَذَا الْمُزَوَّجَةُ صَغِيرَةً تَدَّعِي زَوَالَ مِلْكِهِ بَعْدَمَا نَفَذَ عَلَيْهَا حَالِ صِغَرِهَا يَقِينًا وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ وَمِثْلُهُ الشَّفِيعُ.
ثُمَّ إنْ أَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى سُكُوتِهَا عَمِلَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ عَلَى النَّفْيِ بَلْ عَلَى حَالَةٍ وُجُودِيَّةٍ فِي مَجْلِسٍ خَاصٍّ يُحَاطُ بِطَرَفَيْهِ، أَوْ هُوَ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الشَّاهِدُ فَيَقْبَلُ، كَمَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا تَكَلَّمَ بِمَا هُوَ رِدَّةٌ فِي مَجْلِسٍ فَأَقَامَهَا عَلَى عَدَمِ التَّكَلُّمِ فِيهِ يُقْبَلُ، وَكَذَا إذَا قَالَ الشُّهُودُ كُنَّا عِنْدَهَا وَلَمْ نَسْمَعْهَا تَتَكَلَّمُ ثَبَتَ سُكُوتُهَا بِذَلِكَ، كَذَا فِي الْجَوَامِعِ.
وَإِنْ أَقَامَاهَا فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى لِإِثْبَاتِ الزِّيَادَةِ: أَعْنِي الرَّدَّ، فَإِنَّهُ زَائِدٌ عَلَى السُّكُوتِ، وَلَوْ كَانَ أَقَامَهَا عَلَى أَنَّهَا رَضِيَتْ أَوْ أَجَازَتْ حِينَ عَلِمَتْ تَرَجَّحَتْ بَيِّنَتُهُ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْإِثْبَاتِ وَزِيَادَةِ بَيِّنَتِهِ بِإِثْبَاتِ اللُّزُومِ. كَذَا فِي الشُّرُوحِ. وَعَزَاهُ فِي النِّهَايَةِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ، وَكَذَا هُوَ فِي غَيْرِ نُسْخَةٍ مِنْ الْفِقْهِ، لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ نَقْلًا عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: لَوْ أَقَامَ الْأَبُ أَوْ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِجَازَةِ وَالْمَرْأَةُ عَلَى الرَّدِّ فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى، فَتَحَصَّلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ السُّكُوتَ لَمَّا كَانَ مِمَّا تَتَحَقَّقُ الْإِجَازَةُ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ الشَّهَادَةِ بِالْإِجَازَةِ كَوْنُهَا بِأَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى السُّكُوتِ مَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ فَلَمْ يَجْزِمْ بِاسْتِوَاءِ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي الْإِثْبَاتِ. وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَلَوْ قَالَتْ لَمْ أُجْزِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ لَمْ تُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا إنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً فَحِينَئِذٍ الْقَوْلُ لَهَا لِظُهُورِ دَلِيلِ السَّخَطِ دُونَ الرِّضَا، وَلَا يُقْبَلُ عَلَيْهَا قَوْلُ وَلِيِّهَا بِالرِّضَا؛ لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهَا بِثُبُوتِ الْمِلْكِ، وَإِقْرَارُهُ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ بَعْدَ بُلُوغِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلْزَامَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي لُزُومِهِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ بَيِّنَةٌ تَذْهَبُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute