للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ نَقُولُ لِلْأَبْعَدِ بُعْدُ الْقَرَابَةِ وَقُرْبُ التَّدْبِيرِ وَلِلْأَقْرَبِ عَكْسُهُ فَنَزَلَا مَنْزِلَةَ وَلِيَّيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فَأَيُّهُمَا عَقَدَ نَفَذَ وَلَا يُرَدُّ (وَالْغَيْبَةُ الْمُنْقَطِعَةُ أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ لَا تَصِلُ إلَيْهَا الْقَوَافِلُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً) وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقُدُورِيِّ. وَقِيلَ أَدْنَى مُدَّةِ السَّفَرِ لِأَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لِأَقْصَاهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَقِيلَ: إذَا كَانَ بِحَالٍ يَفُوتُ الْكُفْءُ الْخَاطِبُ بِاسْتِطْلَاعِ رَأْيِهِ، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْفِقْهِ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ فِي إبْقَاءِ وِلَايَتِهِ حِينَئِذٍ

(وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي الْمَجْنُونَةِ أَبُوهَا وَابْنُهَا فَالْوَلِيُّ فِي نِكَاحِهَا ابْنُهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَبُوهَا)

لِلسَّابِقِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ السَّابِقُ أَوْ وَقَعَا مَعًا بَطَلَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِالتَّصْحِيحِ، وَلَوْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَهِيَ بِكْرٌ بَالِغَةٌ بِأَمْرِهَا وَزَوَّجَتْ هِيَ نَفْسَهَا مِنْ آخَرَ فَأَيُّهُمَا قَالَتْ هُوَ الْأَوَّلُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَهُوَ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِمِلْكِ النِّكَاحِ لَهُ عَلَى نَفْسِهَا وَإِقْرَارُهَا حُجَّةٌ تَامَّةٌ عَلَيْهَا، وَإِنْ قَالَتْ لَا أَدْرِي الْأَوَّلَ وَلَا يُعْلَمُ مِنْ غَيْرِهَا فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمَا، وَكَذَا لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ بِأَمْرِهَا.

(قَوْلُهُ وَلَا يُرَدُّ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ الْأَقْرَبُ بَعْدَ عَقْدِ الْأَبْعَدِ لَا يُرَدُّ عَقْدُهُ وَإِنْ عَادَتْ وِلَايَتُهُ بِعَوْدِهِ.

(قَوْلُهُ وَالْغَيْبَةُ الْمُنْقَطِعَةُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ لَا تَصِلُ إلَيْهِ الْقَوَافِلُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقُدُورِيِّ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ جَابْلَقَا إلَى جَابْلَسَا: وَهُمَا قَرْيَتَانِ إحْدَاهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْأُخْرَى بِالْمَغْرِبِ، وَهَذَا رُجُوعٌ إلَى قَوْلِ زُفَرَ، وَإِنَّمَا ضَرَبَ هَذَا مَثَلًا، وَعَنْهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى مِنْ بَغْدَادَ إلَى الرَّيِّ، وَهَكَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ، وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الرَّيِّ. وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: حَدُّ الْغَيْبَةِ الْمُنْقَطِعَةِ أَنْ يَكُونَ مُتَحَوِّلًا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ فَلَا يُوقَفُ عَلَى أَثَرِهِ، أَوْ يَكُونُ مَفْقُودًا لَا يُعْرَفُ خَبَرُهُ. وَقِيلَ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقَعُ الْكِرَاءُ إلَيْهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَلَيْسَتْ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً أَوْ بِدَفَعَاتٍ فَمُنْقَطِعَةٌ، وَقِيلَ أَدْنَى مُدَّةِ السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لِأَقْصَاهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَبُو عِصْمَةَ الْمَرْوَزِيِّ وَابْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ وَأَبُو عَلِيٍّ السُّغْدِيُّ وَأَبُو الْيُسْرِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ، قَالُوا: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَقَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَوْ انْتَظَرَ حُضُورَهُ وَاسْتِطْلَاعَ رَأْيِهِ يَفُوتُ الْكُفْءُ، وَعَنْ هَذَا قَالَ قَاضِي خَانْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: لَوْ كَانَ مُخْتَفِيًا فِي الْمَدِينَةِ بِحَيْثُ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ تَكُونُ غَيْبَتُهُ مُنْقَطِعَةً، وَهَذَا حَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ النَّظَرُ. وَفِي النِّهَايَةِ: عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ مِنْهَا الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ. وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ: أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَدْنَى مُدَّةِ السَّفَرِ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ أَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَكْثَرِ الْمَشَايِخِ وَالْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ

(قَوْلُهُ وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي الْمَجْنُونَةِ) جُنُونًا أَصْلِيًّا بِأَنْ بَلَغَتْ مَجْنُونَةً أَوْ عَارِضِيًّا بِأَنْ طَرَأَ الْجُنُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ (أَبُوهَا) أَوْ جَدُّهَا (مَعَ ابْنِهَا فَالْوَلِيُّ فِي تَزْوِيجِهَا ابْنُهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَبُوهَا) وَقَالَ زُفَرُ فِي الْعَارِضِيِّ: لَا يُزَوِّجُهَا أَحَدٌ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ زَالَتْ عِنْدَ بُلُوغِهَا عَاقِلَةً فَلَا تَرْجِعُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ فَلَا تَرْجِعُ عِنْدَ وُجُودِ مَنَاطِ الْحَجْرِ بَلْ هِيَ أَحْوَجُ إلَى الْوِلَايَةِ بِالْجُنُونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>