إلَّا بِيَقِينٍ مِثْلِهِ.
، (وَيُصَلِّي بِتَيَمُّمِهِ مَا شَاءَ مِنْ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ ﵀: يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ فَرْضٍ لِأَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ. وَلَنَا أَنَّهُ طَهُورٌ حَالَ عَدَمِ الْمَاءِ فَيَعْمَلُ عَمَلَهُ مَا بَقِيَ شَرْطُهُ.
لَكِنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ خِلَافُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ مِيلٌ جَازَ التَّيَمُّمُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: الْمُسَافِرُ إذَا كَانَ عَلَى تَيَقُّنٍ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ أَوْ غَالِبُ ظَنِّهِ عَلَى ذَلِكَ فِي آخِر الْوَقْتِ فَتَيَمَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَصَلَّى، إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ مِقْدَارُ مِيلٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ وَلَكِنْ يَخَافُ الْفَوْتَ لَا يَتَيَمَّمُ.
(قَوْلُهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَتَيَمَّمُ لِكُلِّ صَلَاةِ فَرْضٍ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ يُجِيزُ النَّوَافِلَ الْمُتَعَدِّدَةَ بِالتَّيَمُّمِ الْوَاحِدِ تَبَعِيَّةً لِلْفَرْضِ، وَالْخِلَافُ يُبْنَى تَارَةً عَلَى أَنَّهُ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ عِنْدَنَا، مُبِيحٌ عِنْدَهُ لَا رَافِعٌ، وَتَارَةً عَلَى أَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ عِنْدَهُ مُطْلَقَةٌ عِنْدَنَا كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
وَيُدْفَعُ مَبْنَاهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ الْحَدَثِ مَانِعِيَّةً عَنْ الصَّلَاةِ شَرْعِيَّةً لَا يَشْكُلُ مَعَهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ رَافِعٌ لِارْتِفَاعِ ذَلِكَ الْمَنْعِ بِهِ وَهُوَ الْحَقُّ إذْ لَمْ يَقُمْ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ، وَتَغَيُّرُ الْمَاءِ بِرَفْعِ الْحَدَثِ إنَّمَا يَسْتَلْزِمُ اعْتِبَارَهُ نَازِلًا عَنْ وَصْفِهِ الْأَوَّلِ بِوَاسِطَةِ إسْقَاطِ الْفَرْضِ لَا بِوَاسِطَةِ إزَالَةِ وَصْفٍ حَقِيقِيٍّ مُدَنِّسٍ، وَيُدْفَعُ الثَّانِي بِأَنَّهُ طَهُورٌ حَالَ عَدَمِ الْمَاءِ بِقَوْلِهِ ﷺ «التُّرَابُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ» وَقَالَ ﷺ فِي حَدِيثِ الْخَصَائِصِ فِي الصَّحِيحَيْنِ «وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» يُرِيدُ مُطَهِّرًا وَإِلَّا لَمَا تَحَقَّقَتْ الْخُصُوصِيَّةُ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْأَرْضِ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ ثَابِتَةٌ، وَإِذَا كَانَ مُطَهِّرًا فَتَبْقَى طَهَارَتُهُ إلَى وُجُودِ غَايَتِهَا مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ أَوْ نَاقِضٍ آخَرَ.
وَقَدْ يُقَالُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ بِمُوجِبِ طَهُورِيَّتِهِ مَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَذَلِكَ أَفَادَتْهُ الطَّهَارَةُ، وَالْكَلَامُ لَيْسَ فِيهِ بَلْ فِي بَقَاءِ تِلْكَ الطَّهَارَةِ الْمُفَادَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى فَرْضٍ آخَرَ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، فَلَنَا أَنْ نُثْبِتَ نَفْيَهُ بِالْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ اعْتِبَارَ طَهَارَتِهِ ضَرُورَةُ أَدَاءِ الْمَكْتُوبَةِ مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ، وَالثَّابِتُ بِالضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَلَا مُخَلِّصَ إلَّا بِمَنْعٍ مُرَدَّدٍ إنْ سَلِمَ، وَهُوَ إنْ أَرَدْت أَنَّهَا اُعْتُبِرَتْ ضَرُورَةَ الْمَكْتُوبَةِ الْوَاحِدَةِ فَقَطْ مَنَعْنَاهُ بَلْ ضَرُورَةُ تَحْصِيلِ الْخَيْرَاتِ الْمَشْرُوطَةِ بِالطَّهَارَةِ مُطْلَقًا، وَلِهَذَا أَجَازَ هُوَ النَّوَافِلَ الْكَثِيرَةَ بِالتَّيَمُّمِ الْوَاحِدِ، فَعَلِمَ أَنَّ اعْتِبَارَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ تَكْثِيرٌ لِأَبْوَابِ الْخَيْرَاتِ إرَادَةٌ لِإِفَاضَةِ كَرَمِهِ، أَلَّا يَرَى أَنَّهُ أَبَاحَ النَّفَلَ عَلَى الدَّابَّةِ بِالْإِيمَاءِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ مَعَ فَوَاتِ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ فِيهَا وَلَا ضَرُورَةَ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute