للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا غَائِبًا فَبَلَغَهُ فَأَجَازَهُ جَازَ.

وَحَاصِلُ الْخِلَافِ أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَصْلُحُ فُضُولِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ فُضُولِيًّا مِنْ جَانِبٍ وَأَصِيلًا مِنْ جَانِبٍ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ.

غَيْرِ إذْنٍ سَابِقٍ لَهَا مِنْهُ فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَأَجَازَ، وَإِنْ قَالَ آخَرُ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُهُ مِنْهَا فَقَبِلَ آخَرُ عَنْ الْغَائِبِ فَبَلَغَهُ فَأَجَازَ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ أَحَدٌ عَنْ الْغَائِبِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَجَازَ (وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ) يَعْنِي هَذَا التَّفْصِيلُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِيهِمَا يَجُوزُ إذَا أَجَازَ الْغَائِبُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ أَحَدٌ.

وَبَقِيَتْ صُورَةٌ ثَالِثَةٌ هِيَ أَنْ يَقُولَ رَجُلٌ زَوَّجْت فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ فَيَكُونُ فُضُولِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ إنْ قَبِلَ مِنْهُ فُضُولِيٌّ آخَرُ تَوَقَّفَ اتِّفَاقًا وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ فَتَحْصُلُ سِتُّ صُوَرٍ: ثَلَاثٌ اتِّفَاقِيَّةٌ وَهِيَ قَوْلُ الرَّجُلِ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ أَوْ الْمَرْأَةِ تَزَوَّجْت فُلَانًا أَوْ الْفُضُولِيِّ زَوَّجْت فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ وَقَبِلَ آخَرُ فِيهَا، وَثَلَاثٌ خِلَافِيَّةٌ هِيَ هَذِهِ إذَا لَمْ يَقْبَلْ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ: وَحَاصِلُ الْخِلَافِ إلَخْ: يَعْنِي أَصْلَ هَذَا الْخِلَافِ اخْتِلَافُهُمْ فِي أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَصْلُحُ فُضُولِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ فُضُولِيًّا مِنْ جَانِبٍ أَصِيلًا مِنْ جَانِبٍ أَوْ وَكِيلًا أَوْ وَلِيًّا.

وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ. أَمَّا إذَا تَكَلَّمَ بِكَلَامَيْنِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ بِالِاتِّفَاقِ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْكَافِي وَالْحَوَاشِي، وَلَا وُجُودَ لِهَذَا الْقَيْدِ فِي كَلَامِ أَصْحَابِ الْمَذْهَبِ، بَلْ كَلَامُ مُحَمَّدٍ عَلَى مَا فِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ أَبِي الْفَضْلِ الَّذِي جَمَعَ كَلَامَ مُحَمَّدٍ مُطْلَقٌ عَنْهُ، وَأَصْلُ الْمَبْسُوطِ خَالٍ عَنْهُ.

قَالَ: وَيَجُوزُ لِلْوَاحِدِ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ عِنْدَ الشُّهُودِ عَلَى اثْنَيْنِ إذَا كَانَ وَلِيًّا لَهُمَا أَوْ وَكِيلًا عَنْهُمَا، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ وَلِيًّا أَوْ وَكِيلًا لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا وَلَا وَكِيلًا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعِبَارَةُ الْمَبْسُوطِ أَيْضًا كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْشَأَ مَا نُقِلَ مِنْ الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ أَصْلَ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَنَّ شَطْرَ الْعَقْدِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ عِنْدَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا، وَقَالَ آخِرًا: لَا يَتَوَقَّفُ، فَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ الْفُضُولِيَّ لَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامَيْنِ بِأَنْ قَالَ زَوَّجْت فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ وَقَبِلْت عَنْهُ تَوَقَّفَ بِالِاتِّفَاقِ: يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ عَقْدٌ لَا شَطْرٌ، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ، وَقَيَّدَ بِهِ بَعْضُهُمْ قَوْلَ الْهِدَايَةِ وَالْحَقُّ الْإِطْلَاقُ، وَبِتَكَلُّمِهِ بِكَلَامَيْنِ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ فُضُولِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَقَوْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ فِي وَجْهِ قَوْلِهِمَا وَشَطْرُ الْعَقْدِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ عَدَمَ تَوَقُّفِ الشَّطْرِ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْإِلْزَامَ لَا يَقَعُ إلَّا بِمُتَّفَقٍ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ فَيُخَالِفُ مَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ خِلَافٌ فِي أَنَّهُ إذَا أَوْجَبَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْبَيْعِ أَوْ النِّكَاحِ فَلَمْ يَقْبَلْ الْآخَرُ فِي الْمَجْلِسِ بَطَلَ وَهَذَا مَعْنَى الِاتِّفَاقِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>