فَكَذَا مَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ، وَالْمُرَادُ بِمَا تَلَا الْفَرْضَ فِي الْعَقْدِ إذْ هُوَ الْفَرْضُ الْمُتَعَارَفُ. .
قَالَ (وَإِنْ زَادَ لَهَا فِي الْمَهْرِ بَعْدَ الْعَقْدِ لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ) خِلَافًا لِزُفَرَ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي زِيَادَةِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَ) إذَا صُحِّحَتْ الزِّيَادَةُ (تَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ) وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا تَنْتَصِفُ مَعَ الْأَصْلِ
الْمُتَعَارَفَ هُوَ الْفَرْضُ فِي الْعَقْدِ حَتَّى كَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِنَا فُرِضَ لَهَا الصَّدَاقُ أَنَّهُ أَوْجَبَهُ فِي الْعَقْدِ فَيُقَيَّدُ لِذَلِكَ نَصُّ مَا فَرَضْتُمْ بِهِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْمُخْبَرَ عَنْهُ بِفَرَضْتُمْ هُوَ الْفَرْضُ الْوَاقِعُ فِي الْعَقْدِ، وَهَذَا مِنْ الْمُصَنِّفِ تَقْيِيدٌ بِالْعُرْفِ الْعَمَلِيِّ بَعْدَمَا مَنَعَ مِنْهُ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ حَيْثُ قَالَ: أَوْ هُوَ عُرْفٌ عَمَلِيٌّ، وَلَا يَصْلُحُ مُقَيَّدًا لِلَّفْظِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْحَقَّ التَّقْيِيدُ بِهِ. وَفِي الْغَايَةِ وَالدِّرَايَةِ: لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ: أَيْ غَيْرُ الْمَفْرُوضِ فِي الْعَقْدِ إذْ الْمُطْلَقُ لَا عُمُومَ لَهُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الْمُطْلَقَ هُوَ الْمُتَعَرِّضُ لِمُجَرَّدِ الذَّاتِ فَيَتَنَاوَلُ الْمَفْرُوضَ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ بِفَرْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِ لَوْ رَافَعَتْهُ لِيَفْرِضَ لَهَا. فَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْمَفْرُوضَ بَعْدَ الْعَقْدِ نَفْسُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَأَنَّ الْفَرْضَ لِتَعْيِينِ كَمَيِّتِهِ لِيُمْكِنَ دَفْعُهُ، وَهُوَ لَا يَتَنَصَّفُ إجْمَاعًا فَتَعَيَّنَ كَوْنُ الْمُرَادِ بِهِ فِي النَّصِّ الْمُتَعَارَفِ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ لُغَةً لِمَا بَيَّنَّا، وَلِأَنَّ غَيْرَهُ غَيْرُ مُتَبَادَرٍ لِنُدْرَةِ وُجُودِهِ.
[فَرْعٌ]
لَوْ عَقَدَ بِدُونِ التَّسْمِيَةِ ثُمَّ فَرَضَ لَهَا دَارًا بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا لِلشَّفِيعِ؛ لِمَا قُلْنَا إنَّ الْمَفْرُوضَ بَعْدَهُ تَقْرِيرُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ بَدَلُ الْبُضْعِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَلِهَذَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا كَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ الدَّارَ وَتَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجِ بِالْمُتْعَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُسَمًّى فِي الْعَقْدِ ثُمَّ بَاعَهَا بِهِ الدَّارَ فَإِنَّ فِيهَا الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ الدَّارَ شِرَاءً بِالْمَهْرِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَالدَّارُ لَهَا وَتَرُدُّ نِصْفَ الْمُسَمَّى عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُسْتَوْفِيَةً لِلصَّدَاقِ بِالشِّرَاءِ وَالشِّرَاءُ لَا يَبْطُلُ بِالطَّلَاقِ
. (قَوْلُهُ لَزِمَتْهُ الزِّيَادَةُ خِلَافًا لِزُفَرَ) وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهَا لَوْ صَحَّتْ بَعْدَ الْعَقْدِ لَزِمَ كَوْنُ الشَّيْءِ بَدَلَ مِلْكِهِ. قُلْنَا: اللُّزُومُ مُنْتَفٍ عَلَى تَقْدِيرِ الِالْتِحَاقِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ، وَيُنْتَقَضُ بِالْعِوَضِ عَنْ الْهِبَةِ بَعْدَ عَقْدِهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى الصِّحَّةِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ﴾ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ مَا تَرَاضَيَا عَلَى إلْحَاقِهِ وَإِسْقَاطِهِ. وَمِنْ فُرُوعِ الزِّيَادَةِ مَا لَوْ رَاجَعَ الْمُطَلَّقَةَ الرَّجْعِيَّةَ عَلَى أَلْفٍ فَإِنْ قَبِلْت لَزِمَتْ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ زِيَادَةٌ وَقَبُولُهَا شَرْطٌ فِي اللُّزُومِ. وَيُنَاسِبُ هَذِهِ مَسْأَلَةُ التَّوَاضُعِ لِمَا فِيهَا مِنْ تَعَدُّدِ التَّسْمِيَةِ لَوْ تَوَاضَعَا فِي السِّرِّ عَلَى مَهْرٍ وَعَقَدَا فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ إنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْعَلَانِيَةَ هَزْلٌ فَالْمَهْرُ مَهْرُ السِّرِّ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَادَّعَى الزَّوْجُ الْمُوَاضَعَةَ وَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ لَهَا، هَذَا إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.
وَلَوْ عَقَدَا فِي السِّرِّ بِأَلْفٍ وَأَظْهَرَا أَلْفَيْنِ فَكَذَلِكَ إنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُوَاضَعَةِ فَالْمَهْرُ مَا فِي السِّرِّ، أَوْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلْمَرْأَةِ فِي دَعْوَى الْجِدِّ فَيَلْزَمُهُ مَهْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute