للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بِيَقِينٍ، وَلِلثَّلَاثِ مَهْرٌ وَنِصْفٌ وَلِلثِّنْتَيْنِ مَهْرٌ وَاحِدٌ بِالِاتِّفَاقِ فَهُمَا يَمُرَّانِ عَلَى أَصْلِهِمَا فِي اعْتِبَارِ الْمُنَازَعَةِ وَالْحَالِ. وَأَبُو حَنِيفَةَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَهْرِ وَالْمِيرَاثِ فَاعْتَبَرَ الْمُنَازَعَةَ فِي الْمَهْرِ دُونَ الْمِيرَاثِ فَقَالَ: مَا فَضَلَ مِنْ الْوَاحِدَةِ هُنَاكَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَانِ لَا يَتَفَاوَتَانِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ اسْتَوَيَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا، فَأَمَّا هُنَا فَالثِّنْتَانِ لَا تَدَّعِيَانِ النِّصْفَ الزَّائِدَ عَلَى الْمَهْرَيْنِ وَالثَّلَاثُ يَدَّعِينَهُ فَسَلِمَ لَهُنَّ، وَفِي الْمَهْرَيْنِ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا.

أَوْ نَقُولُ: أَكْثَرُ مَا لَهُنَّ ثَلَاثَةُ مُهُورٍ بِأَنْ يَكُونَ السَّابِقُ نِكَاحَ الثَّلَاثِ وَأَقَلُّ مَا لَهُنَّ مَهْرَانِ بِأَنْ يَكُونَ نِكَاحُ الثِّنْتَيْنِ سَابِقًا فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي مَهْرٍ وَاحِدٍ فَيَتَنَصَّفُ فَكَانَ لَهُنَّ مَهْرَانِ وَنِصْفٌ، ثُمَّ لَا مُنَازَعَةَ لِلثِّنْتَيْنِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرَيْنِ فَيُسَلِّمُ ذَلِكَ مَعَ الثَّلَاثِ وَهُوَ نِصْفُ مَهْرٍ يَبْقَى مَهْرَانِ اسْتَوَتْ مُنَازَعَةُ الْفَرِيقَيْنِ فِيهِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا فَحَصَلَ مَهْرٌ وَنِصْفٌ وَلِلثُّلُثَيْنِ مَهْرٌ وَاحِدٌ. وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: إنْ صَحَّ نِكَاحُ الثَّلَاثِ فَلَهُنَّ ثَلَاثَةُ مُهُورٍ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَلَا شَيْءَ لَهُنَّ فَلَهُنَّ نِصْفُ ذَلِكَ وَهُوَ مَهْرٌ وَنِصْفٌ، وَأَمَّا الثِّنْتَانِ فَلَهُمَا مَهْرَانِ إنْ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا فَلَهُمَا نِصْفُ ذَلِكَ مَهْرٌ وَاحِدٌ. وَأَمَّا حُكْمُ الْعِدَّةِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عِدَّةُ الْوَفَاةِ عَلَى الْوَاحِدَةِ ظَاهِرٌ، وَعَلَى الْفَرِيقَيْنِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ حَكَمَ بِصِحَّةِ نِكَاحِهِنَّ حَيْثُ أَوْجَبَ لَهُنَّ مَهْرًا وَمِيرَاثًا وَالْعِدَّةُ مِمَّا يُحْتَاطُ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ دَخَلَ بِهِنَّ وَلَمْ يَعْرِفْ الْأَوَّلَ مِنْ الْآخِرِ فَعَلَى غَيْرِ الْوَاحِدَةِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَالْحَيْضِ جَمِيعًا، أَعْنِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا يَسْتَكْمِلُ فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَابْنَتَيْهَا فِي ثَلَاثَةِ عُقُودٍ وَلَا تُدْرَى الْأُولَى مِنْهُنَّ وَمَاتَ قَبْلَ الْوَطْءِ وَالْبَيَانِ فَلَهُنَّ مَهْرٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ نِكَاحُ إحْدَاهُنَّ لَيْسَ غَيْرُ؛ لِأَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ الْأُمَّ أَوَّلًا لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُ بِنْتِهَا أَوْ الْبِنْتُ فَكَذَلِكَ، وَلَهُنَّ كَمَالُ مِيرَاثِ النِّسَاءِ هَذَا بِالِاتِّفَاقِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لِلْأُمِّ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمَهْرِ وَالْمِيرَاثِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ أَثْلَاثًا وَلَوْ كَانَ تَزَوَّجَ الْأُمَّ فِي عُقْدَةٍ وَالْبِنْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ كَانَ الْكُلُّ لِلْأُمِّ بِالِاتِّفَاقِ الْمُتَيَقَّنِ بِبُطْلَانِ نِكَاحِهِمَا تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْ الْأُمِّ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ؛ وَلَوْ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأُمَّهَا وَابْنَتَهَا أَوْ امْرَأَةً وَأُمَّهَا وَأُخْتَ أُمِّهَا كَانَ الْمَهْرُ وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُنَّ أَثْلَاثًا اتِّفَاقًا.

وَقِيلَ عَلَى الْخِلَافِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي سَبِبِ الِاسْتِحْقَاقِ تُوجِبُ الْمُسَاوَاةَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَنِكَاحُ كُلِّ وَاحِدَةٍ يَصِحُّ فِي حَالٍ وَلَا يَصِحُّ فِي حَالَيْنِ فَاسْتَوَيْنَ فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ يُسَاعِدُهُمَا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، لَكِنَّهُ يَقُولُ: الْأُمُّ لَا يُزَاحِمُهَا إلَّا إحْدَى الْبِنْتَيْنِ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِبُطْلَانِ نِكَاحِ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ وَالِابْنَتَانِ فِي النِّصْفِ اسْتَوَيَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا بِتَعْيِينِ جِهَةِ الْبُطْلَانِ أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا فِي يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَدَخَلَ بِهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَعَلَيْهِ مَهْرَانِ وَنِصْفُ مَهْرٍ، وَوَقَعَ عَلَيْهِ تَطْلِيقَتَانِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا وَقَعَ تَطْلِيقَةٌ وَوَجَبَ نِصْفُ مَهْرٍ، فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا وَجَبَ مَهْرٌ كَامِلٌ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَ عَنْ شُبْهَةٍ فِي الْمَحَلِّ، إذْ الطَّلَاقُ غَيْرُ وَاقِعٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ عِنْدَهُ لَا يَصِحُّ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا وَقَعَتْ أُخْرَى وَهُوَ طَلَاقٌ بَعْدَ الدُّخُولِ مَعْنًى، فَإِنَّ مَنْ تَزَوَّجَ مُعْتَدَّتَهُ الْبَائِنَ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ يَكُونُ هَذَا الطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ مَعْنًى فَيَجِبُ مَهْرٌ كَامِلٌ وَعِدَّةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي إيجَابِهِ نِصْفَ الْمَهْرِ وَبَقِيَّةِ عِدَّتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>