فَلَا يَمْلِكَانِهِ بِدُونِ إذْنِ مَوْلَاهُمَا
(وَكَذَا الْمُكَاتَبُ) لِأَنَّ الْكِتَابَةَ أَوْجَبَتْ فَكَّ الْحَجْرِ فِي حَقِّ الْكَسْبِ فَبَقِيَ فِي حَقِّ النِّكَاحِ عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ. وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ تَزْوِيجَ عَبْدِهِ وَيَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاكْتِسَابِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ لَا تَمْلِكُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا بِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَى وَتَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَتِهَا لِمَا بَيَّنَّا (وَ) كَذَا (الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ) لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِمَا قَائِمٌ.
أَنَّ فِيهِ إهْلَاكَهُ فَضْلًا عَنْ تَعْيِيبِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ مِلْكِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ خِطَابُ الشَّرْعِ أَمْرًا وَنَهْيًا كَالصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ وَالصَّوْمِ وَالزِّنَا وَالشُّرْبِ وَغَيْرِهَا إلَّا فِيمَا عُلِمَ إسْقَاطُ الشَّارِعِ إيَّاهُ عَنْهُ كَالْجُمُعَةِ وَالْحَجِّ. ثُمَّ هَذِهِ الْأَحْكَامُ تَجِبُ جَزَاءً عَلَى ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ شَرْعًا فَقَدْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ فِي ذَلِكَ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ الشَّارِعُ زَجْرًا عَنْ الْفَسَادِ وَأَعَاظِمِ الْعُيُوبِ
(وَكَذَا الْمُكَاتَبُ) لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى (لِأَنَّ الْكِتَابَةَ) إنَّمَا (أَوْجَبَتْ فَكَّ الْحَجْرِ) فِي التَّصَرُّفِ الِاكْتِسَابِيِّ فَيَبْقَى فِيمَا سِوَاهُ عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ (وَلَا يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ تَزْوِيجَ عَبْدِهِ وَيَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاكْتِسَابِ) بِتَحْصِيلِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ لِلْمَوْلَى وَالْوَلَدِ الْعَبْدِ وَلِكَوْنِهِ مِنْ بَابِ الِاكْتِسَابِ مِلْكَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْقَاضِي وَالْوَصِيِّ. وَلِلشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ لَا الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ تَنْقِيصٌ لِلْمَالِيَّةِ، وَأَمَّا شَرِيكُ الْعِنَانِ وَالْمُضَارِبُ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ فَلَيْسَ لَهُمْ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ﵀: يَمْلِكُونَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُ الْمُكَاتَبَةِ نَفْسَهَا لِمَا نَذْكُرُهُ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ لَا تَمْلِكُ تَزْوِيجَ نَفْسِهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَتَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَتِهَا لِمَا بَيَّنَّا) مِنْ بَقَاءِ ذَاتِ الْمُكَاتَبِ عَلَى الرَّدِّ وَالِاكْتِسَابِ الَّذِي أَوْجَبَتْ الْكِتَابَةُ إطْلَاقَهُ لَهُ مَا لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي ذَاتِهِ الْمَمْلُوكَةِ، وَالِاكْتِسَابُ بِالنِّكَاحِ إنَّمَا يَكُونُ بِتَمَلُّكِ جُزْءٍ مِنْهَا لِغَيْرِ السَّيِّدِ، إذْ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فِي حُكْمِ بَدَلِ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ كَالْأَرْشِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ لَا يَزُولُ مِلْكُهَا بَعْدَ صِحَّتِهِ إلَّا بِاخْتِيَارِ الزَّوْجِ وَالْكِتَابَةُ لَيْسَتْ عَلَى يَقِينٍ مِنْ اسْتِمْرَارِ فَكِّ الْحَجْرِ فِيهَا وَإِفْضَائِهَا إلَى زَوَالِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ لِجَوَازِ التَّعْجِيزِ وَالرَّدِّ إلَى الرِّقِّ فَتَرُدُّ مَمْلُوكَةُ الْبُضْعِ لِلْغَيْرِ مُمْتَنِعٌ عَلَى السَّيِّدِ وَلَمْ يُشْرَعْ عَقْدُ الْكِتَابَةِ عَلَى وَجْهٍ يَعُودُ ضَرَرُهُ عَلَى السَّيِّدِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُدَبَّرُ) وَالْمُدَبَّرَةُ لَا يَنْفُذُ نِكَاحُهُمَا إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَكَذَا ابْنُ أُمِّ الْوَلَدِ: يَعْنِي لَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ مِنْ الزَّوْجِ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ أُمِّهِ فَالرِّقُّ فِيهِ قَائِمٌ فَلَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ نَفْسِهِ، وَأَمَّا مُعْتَقُ الْبَعْضِ فَلَا يَجُوزُ نِكَاحُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكَاتَبِ، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ.
[فَرْعٌ مُهِمٌّ لِلتُّجَّارِ] رُبَّمَا يَدْفَعُ لِعَبْدِهِ جَارِيَةً يَتَسَرَّى بِهَا وَلَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَسَرَّى أَصْلًا أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ؛ لِأَنَّ حِلَّ الْوَطْءِ لَا يَثْبُتُ شَرْعًا إلَّا بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ عَقْدِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ مِلْكُ يَمِينٍ فَانْحَصَرَ حِلُّ وَطْئِهِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute