للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَعَتْ الْبَيْنُونَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ سُبِيَا مَعًا لَمْ تَقَعْ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَعَتْ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّبَبَ هُوَ التَّبَايُنُ دُونَ السَّبْيِ عِنْدَنَا وَهُوَ يَقُولُ بِعَكْسِهِ. لَهُ أَنَّ لِلتَّبَايُنِ أَثَرُهُ فِي انْقِطَاعِ الْوِلَايَةِ، وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْفُرْقَةِ كَالْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ وَالْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْمَنِ، أَمَّا السَّبْيُ فَيَقْتَضِي الصَّفَاءَ لِلسَّابِي وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ، وَلِهَذَا

لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى خُرُوجِهِ مُسْلِمًا بَلْ وَذِمِّيًّا كَمَا سَنَذْكُرُ (قَوْلُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّبَبَ إلَخْ) اُخْتُلِفَ فِي أَنَّ تَبَايُنَ الدَّارَيْنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ هَلْ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا؟ فَقُلْنَا نَعَمْ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا، وَفِي أَنَّ السَّبْيَ هَلْ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ أَمْ لَا؟ فَقُلْنَا لَا، وَقَالَ نَعَمْ. وَقَوْلُهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وِفَاقِيَّتَانِ، وَهُمَا لَوْ خَرَجَ الزَّوْجَانِ إلَيْنَا مَعًا ذِمِّيَّيْنِ أَوْ مُسْلِمَيْنِ أَوْ مُسْتَأْمَنَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ صَارَا ذِمِّيَّيْنِ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ سَبَى أَحَدُهُمَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ عِنْدَهُ لِلسَّبْيِ وَعِنْدَنَا لِلتَّبَايُنِ.

وَخِلَافِيَّتَانِ إحْدَاهُمَا مَا إذَا خَرَجَ أَحَدُهُمَا إلَيْنَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ صَارَ ذِمِّيًّا عِنْدَنَا تَقَعُ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ حَلَّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِأَرْبَعٍ فِي الْحَالِ وَبِأُخْتِ امْرَأَتِهِ الَّتِي فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا كَانَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَعِنْدَهُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ الَّتِي فِي دَارِ الْحَرْبِ إلَّا فِي الْمَرْأَةِ تَخْرُجُ مُرَاغِمَةً لِزَوْجِهَا أَيْ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى حَقِّهِ فَتَبِينُ عِنْدَهُ بِالْمُرَاغَمَةِ وَالْأُخْرَى مَا إذَا سُبِيَ الزَّوْجَانِ مَعًا؛ فَعِنْدَهُ تَقَعُ الْفُرْقَةُ وَلِلسَّابِي أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَعِنْدَنَا لَا تَقَعُ لِعَدَمِ تَبَايُنِ دَارَيْهِمَا. وَفِي الْمُحِيطِ: مُسْلِمٌ تَزَوَّجَ حَرْبِيَّةً فِي دَارِ الْحَرْبِ فَخَرَجَ رَجُلٌ بِهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِالتَّبَايُنِ، وَلَوْ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ بِنَفْسِهَا قَبْلَ زَوْجِهَا لَمْ تَبِنْ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا بِالْتِزَامِهَا أَحْكَامَ الْمُسْلِمِينَ، إذْ لَا تُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ، وَالزَّوْجُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَا تَبَايُنَ يُرِيدُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إذَا أَخْرَجَهَا الرَّجُلُ قَهْرًا حَتَّى مَلَكَهَا لِتَحَقُّقِ التَّبَايُنِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا حِينَئِذٍ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، أَمَّا حَقِيقَةٌ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا حُكْمًا فَلِأَنَّهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ حُكْمًا وَزَوْجَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حُكْمًا.

وَجْهُ قَوْلِهِ إنَّ لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ (أَثَرُهُ فِي انْقِطَاعِ الْوِلَايَةِ) أَيْ وِلَايَةِ مَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ خَارِجًا إلَيْنَا وَوِلَايَةِ مَنْ فِي دَارِنَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَاحِقًا بِدَارِ الْحَرْبِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْإِلْزَامُ عَلَيْهِ (وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْفُرْقَةِ كَالْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ وَالْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْمَنِ أَمَّا السَّبْيُ فَيَقْتَضِي الصَّفَاءَ لِلسَّابِي) وَالصَّفَاءُ هُنَا بِالْمَدِّ: أَيْ الْخُلُوصُ (وَلَا يَتَحَقَّقُ) صَفَاؤُهُ لَهُ (إلَّا بِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>