للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِأَنَّ الْقَسْمَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُنَّ فِي ذَلِكَ، وَالِاخْتِيَارُ فِي مِقْدَارِ الدَّوْرِ إلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ التَّسْوِيَةُ دُونَ طَرِيقِهِ.

وَالتَّسْوِيَةُ الْمُسْتَحَقَّةُ فِي الْبَيْتُوتَةِ لَا فِي الْمُجَامَعَةِ؛ لِأَنَّهَا تُبْتَنَى عَلَى النَّشَاطِ. .

ثَلَاثٌ ثُمَّ يَعُودُ إلَى أَهْلِهِ» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْهُ.

وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ جَعَلَ لِلْبِكْرِ سَبْعًا وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثًا» وَعَنْهُ قَالَ: «مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ثُمَّ قَسَمَ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَسَمَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «لَمَّا تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِكَ عَلَى أَهْلِك هَوَانٌ، إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي» وَهَذَا دَلِيلُ اسْتِثْنَاءِ الشَّافِعِيِّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ يُسْقِطُ حَقَّهَا وَيَحْتَسِبُ عَلَيْهَا بِالْمُدَّةِ إنْ طَلَبَتْ زِيَادَةً عَلَى الثَّلَاثِ وَلِأَنَّهَا لَمْ تَأْلَفْ صُحْبَتَهُ، وَقَدْ يَحْصُلُ لَهَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ نَفْرَةٌ فَكَانَ فِي الزِّيَادَةِ إزَالَتُهَا. وَلَنَا مَا رَوَيْنَا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَمَا تَلَوْنَا وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْمَعْنَى وَهُوَ قَوْلُهُ (وَلِأَنَّ الْقَسْمَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُنَّ فِي ذَلِكَ) فَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُنَّ فِي الْقَسْمِ.

وَأَمَّا الْمَعْنَى الَّذِي عَلَّلَ بِهِ فَمُعَارَضٌ بِأَنَّ تَخْصِيصَ الْقَدِيمَةِ بِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْوَحْشَةَ فِيهَا مُتَحَقِّقَةٌ وَفِي الْجَدِيدَةِ مُتَوَهَّمَةٌ، وَإِزَالَةُ تِلْكَ النَّفْرَةِ تُمْكِنُ بِأَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا السَّبْعَ ثُمَّ يُسَبِّعَ لِلْبَاقِيَاتِ وَلَمْ تَنْحَصِرْ تَخْصِيصُهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْوِيَّ إنْ لَمْ يَكُنْ قَطْعِيَّ الدَّلَالَةِ فِي التَّخْصِيصِ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْآيَةِ، وَالْحَدِيثُ الْمُطْلَقُ لِوُجُوبِ التَّسْوِيَةِ وَإِنْ كَانَ قَطْعِيًّا وَجَبَ اعْتِبَارُ التَّخْصِيصِ بِالزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ لَا يُعَارِضُ مَا رَوَيْنَا وَتَلَوْنَا؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُمَا الْعَدْلُ، وَإِذَا ثَبَتَ التَّخْصِيصُ شَرْعًا كَانَ هُوَ الْعَدْلُ فَإِنَّا نَرَاهُ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي التَّسْوِيَةِ بَلْ يَتَحَقَّقُ مَعَ عَدَمِهَا لِعَارِضٍ وَهُوَ رِقُّ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ حَتَّى كَانَ الْعَدْلُ أَنْ يَكُونَ لِإِحْدَاهُمَا يَوْمًا وَلِلْأُخْرَى يَوْمَيْنِ، فَلْيَكُنْ أَيْضًا بِتَخْصِيصِ الْجَدِيدَةِ الدَّهِشَةِ بِالْإِقَامَةِ سَبْعًا إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَثَلَاثًا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لِتَأْلَفَ بِالْإِقَامَةِ وَتَطْمَئِنَّ.

هَذَا وَكَمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَدِيدَةِ وَالْقَدِيمَةِ كَذَلِكَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَالْمُسْلِمَةِ وَالْكِتَابِيَّةِ الْحُرَّتَيْنِ وَالْمَجْنُونَةِ الَّتِي لَا يُخَافُ مِنْهَا وَالْمَرِيضَةِ وَالصَّحِيحَةِ وَالرَّتْقَاءِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي يُمْكِنُ وَطْؤُهَا وَالْمُحَرَّمَةِ وَالْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَمُقَابِلَاتِهِنَّ، وَكَذَلِكَ يَسْتَوِي وُجُوبُهُ عَلَى الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ وَالْمَرِيضِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ وَمُقَابِلَيْهِمْ. قَالَ مَالِكٌ: وَيَدُورُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ بِهِ عَلَى نِسَائِهِ؛ لِأَنَّ الْقَسْمَ حَقُّ الْعِبَادِ وَهُمْ مِنْ أَهْلِهِ، وَصَحَّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا مَرِضَ اسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَأَذِنَّ لَهُ» (قَوْلُهُ وَالِاخْتِيَارُ فِي مِقْدَارِ الدَّوْرِ إلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ التَّسْوِيَةُ دُونَ طَرِيقِهِ) إنْ شَاءَ يَوْمًا يَوْمًا وَإِنْ شَاءَ يَوْمَيْنِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَرْبَعًا. وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ عَلَى صِرَافَتِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَدُورَ سَنَةً سَنَةً مَا يُظَنُّ إطْلَاقُ ذَلِكَ لَهُ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُطْلَقَ لَهُ مِقْدَارُ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَإِذَا كَانَ وُجُوبُهُ لِلتَّأْنِيسِ وَدَفْعِ الْوَحْشَةِ وَجَبَ أَنْ تُعْتَبَرَ الْمُدَّةُ الْقَرِيبَةُ، وَأَظُنُّ أَكْثَرَ مِنْ جُمُعَةٍ مُضَارَّةً إلَّا أَنْ تَرْضَيَا بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَالتَّسْوِيَةُ الْمُسْتَحَقَّةُ فِي الْبَيْتُوتَةِ لَا فِي الْمُجَامَعَةِ؛ لِأَنَّهَا تُبْتَنَى عَلَى النَّشَاطِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>