للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ زُفَرٌ: ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ حَسَنٌ لِلتَّحَوُّلِ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْحَوْلَيْنِ لِمَا نُبَيِّنُ فَيُقَدَّرُ بِهِ. وَلَهُمَا قَوْله تَعَالَى ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ وَمُدَّةُ الْحَمْلِ أَدْنَاهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَبَقِيَ لِلْفِصَالِ حَوْلَانِ. وَقَالَ النَّبِيُّ «لَا رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ» وَلَهُ هَذِهِ الْآيَةُ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ شَيْئَيْنِ وَضَرَبَ لَهُمَا مُدَّةً فَكَانَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَمَالِهَا كَالْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ لِلدَّيْنَيْنِ، إلَّا أَنَّهُ قَامَ الْمُنْقِصُ فِي أَحَدِهِمَا فَبَقِيَ فِي الثَّانِي عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَغَيُّرِ الْغِذَاءِ لِيَنْقَطِعَ الْإِنْبَاتُ بِاللَّبَنِ وَذَلِكَ بِزِيَادَةِ مُدَّةٍ يَتَعَوَّدُ الصَّبِيُّ فِيهَا غَيْرَهُ فَقُدِّرَتْ بِأَدْنَى مُدَّةِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهَا مُغَيَّرَةٌ، فَإِنَّ غِذَاءَ الْجَنِينِ يُغَايِرُ غِذَاءَ الرَّضِيعِ كَمَا يُغَايِرُ غِذَاءَ الْفَطِيمِ، وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مُدَّةِ الِاسْتِحْقَاقِ،

آخَرُونَ إلَى أَرْبَعِينَ سَنَةٍ، وَلَا عِبْرَةَ بِهَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَوْلَ حَسَنٌ إلَخْ) هَذَا وَجْهُ قَوْلِ زُفَرَ . وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُدَّةٍ يَتَعَوَّدُ فِيهَا الصَّبِيُّ غَيْرَ اللَّبَنِ لِيَنْقَطِعَ الْإِنْبَاتُ بِاللَّبَنِ وَذَلِكَ بِزِيَادَةِ مُدَّةٍ يَتَعَوَّدُ فِيهَا الصَّبِيُّ تَغَيُّرَ الْغِذَاءَ وَالْحَوْلُ حَسَنٌ لِلتَّحَوُّلِ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ فَقُدِّرَ بِالثَّلَاثَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لِمَا نُبَيِّنُ: أَيْ فِي دَلِيلِ أَبِي حَنِيفَةَ . وَلَهُمَا قَوْله تَعَالَى ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ وَمُدَّةُ الْحَمْلِ أَدْنَاهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَبَقِيَ لِلْفِصَالِ حَوْلَانِ.

وَقَالَ «لَا رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ هَكَذَا «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ مِنْ حَوْلَيْنِ» وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْأَحْكَامِ وَقَالَ: لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ إلَّا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ وَهُوَ ثِقَةٌ حَافِظٌ اهـ.

وَكَذَا وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالْعِجْلِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَا رَيْبٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيٌّ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَلَى عُمَرَ. وَأَظْهَرُ الْأَدِلَّةِ لَهُمَا قَوْله تَعَالَى ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ فَجَعَلَ التَّمَامَ بِهِمَا وَلَا مَزِيدَ عَلَى التَّمَامِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ هَذِهِ الْآيَةُ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ شَيْئَيْنِ وَضَرَبَ لَهُمَا مُدَّةً فَكَانَتْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَمَالِهَا كَالْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ لِلدَّيْنَيْنِ عَلَى شَخْصَيْنِ بِأَنْ قَالَ أَجَّلْت الدَّيْنَ الَّذِي لِي

<<  <  ج: ص:  >  >>