لِحَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ ﵁ أَنَّهُ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُنَا إذَا كُنَّا سَفْرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا إلَّا عَنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ نَوْمٍ» وَلِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَا تُكَرَّرُ عَادَةً فَلَا حَرَجَ فِي النَّزْعِ، بِخِلَافِ الْحَدَثِ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ.
(وَيَنْقُضُ الْمَسْحَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ) لِأَنَّهُ بَعْضُ الْوُضُوءِ (وَيَنْقُضُهُ أَيْضًا نَزْعُ الْخُفِّ) لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى الْقَدَمِ حَيْثُ زَالَ الْمَانِعُ، وَكَذَا نَزْعُ أَحَدِهِمَا لِتَعْذِرْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ فِي وَظِيفَةٍ وَاحِدَةٍ
حَاجَةَ إلَى التَّصْوِيرِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَجْنَبَ وَقَدْ لَبِسَ عَلَى وُضُوءٍ وَجَبَ نَزْعُ خُفَّيْهِ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ.
وَقِيلَ صُورَتُهُ مُسَافِرٌ أَجْنَبَ وَلَا مَاءَ عِنْدَهُ فَتَيَمَّمَ وَلَبِسَ ثُمَّ أَحْدَثَ وَوَجَدَ مَاءً يَكْفِي وُضُوءَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ سَرَتْ إلَى الْقَدَمَيْنِ، وَالتَّيَمُّمُ لَيْسَ بِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ إذَا لَبِسَهُمَا عَلَى طَهَارَتِهِ فَيَنْزِعُهُمَا وَيَغْسِلُهُمَا، فَإِذَا فَعَلَ وَلَبِسَ ثُمَّ أَحْدَثَ وَعِنْدَهُ مَاءٌ يَكْفِي الْوُضُوءَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ لِأَنَّ هَذَا الْحَدَثَ يَمْنَعُهُ الْخُفُّ السِّرَايَةَ لِوُجُودِهِ بَعْدَ اللِّبْسِ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ، فَلَوْ مَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَاءٍ كَثِيرٍ عَادَ جُنُبًا، فَإِذَا لَمْ يَغْتَسِلْ حَتَّى فَقْدَهُ تَيَمَّمَ لَهُ، فَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ مَاءٌ لِلْوُضُوءِ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ لِأَنَّهُ عَادَ جُنُبًا، فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ مَاءٌ لِلْوُضُوءِ فَقَطْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ، وَعَلَى هَذَا تَجْرِي الْمَسَائِلُ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ إنَّمَا تَزِيدُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا بِإِفَادَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْمَسْحِ كَوْنُ اللِّبْسِ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ لَا طَهَارَةِ التَّيَمُّمِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ طَهَارَةَ التَّيَمُّمِ لَيْسَتْ كَامِلَةً، فَإِنْ أُرِيدَ بِعَدَمِ كَمَالِهَا عَدَمُ الرَّفْعِ عَنْ الرِّجْلَيْنِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَإِنْ أُرِيدَ عَدَمُ إصَابَةِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوَظِيفَةِ حِسًّا فَيَمْنَعُ تَأْثِيرُهُ فِي نَفْيِ الْكَمَالِ الْمُعْتَبَرِ فِي الطَّهَارَةِ الَّتِي يُعْقِبُهَا اللِّبْسُ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ بِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ مَنْ فَعَلَهُ ﵊ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ، وَلَمْ يَرِدْ مِنْ قَوْلِهِ ﵊ مَا يُوَسِّعُ مَوْرِدَهُ فَيَلْزَمُ فِيهِ الْمَاءُ قَصْرًا عَلَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ صَفْوَانَ صَرِيحُ مَنْعِهِ لِلْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ) رَوَى النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْمُرُنَا إذَا كُنَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute