(وَالْحَسَنُ هُوَ طَلَاقُ السُّنَّةِ، وَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَ الْمَدْخُولَ بِهَا ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ) وَقَالَ مَالِكٌ ﵀: إنَّهُ بِدْعَةٌ وَلَا يُبَاحُ إلَّا وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الطَّلَاقِ هُوَ الْحَظْرُ وَالْإِبَاحَةُ لِحَاجَةِ الْخَلَاصِ وَقَدْ انْدَفَعَتْ بِالْوَاحِدَةِ. وَلَنَا قَوْلُهُ
وَطَلَبُ النَّفْسِ لَهُ وَتَهَيُّؤُهُ لَهُ وَكَفَّ تَجَافِيًا عَنْ الْمَعْصِيَةِ أُثِيبَ (قَوْلُهُ وَالْحَسَنُ طَلَاقُ السُّنَّةِ) وَأَنْتَ حَقَّقْت أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَلَاقُ السُّنَّةِ فَتَخْصِيصُ هَذَا بِاسْمِ طَلَاقِ السُّنَّةِ لَا وَجْهَ لَهُ وَالْمُنَاسِبُ تَمْيِيزُهُ بِالْمَفْضُولِ مِنْ طَلَاقَيْ السُّنَّةِ.
قَالَ (وَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَ الْمَدْخُولَ بِهَا ثَلَاثًا فِي ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُسْلِمَةً أَوْ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ؛ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِإِيقَاعِهِ كَذَلِكَ، وَيَجِبُ عَلَى الْغَائِبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَ أَنْ يَكْتُبَ إذَا جَاءَكِ كِتَابِي هَذَا وَأَنْتِ طَاهِرَةٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ كُنْتِ حَائِضًا فَإِذَا طَهُرْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَقَالَ مَالِكٌ: هَذَا بِدْعَةٌ وَلَا يُبَاحُ إلَّا وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الطَّلَاقِ هُوَ الْحَظْرُ وَالْإِبَاحَةُ لِحَاجَةِ الْخَلَاصِ، وَقَدْ انْدَفَعَتْ بِالْوَاحِدَةِ (وَلَنَا قَوْلُهُ ﷺ) فِيمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ زُرَيْقٍ أَنَّ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ، حَدَّثَهُمْ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا «عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُتْبِعَهَا بِطَلْقَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ عِنْدَ الْقَرِينِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ مَا هَكَذَا أَمَرَكَ اللَّهُ، قَدْ أَخْطَأْت السُّنَّةَ، السُّنَّةُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ فَتُطَلِّقَ لِكُلِّ قُرْءٍ، فَأَمَرَنِي فَرَاجَعْتُهَا. فَقَالَ: إذَا هِيَ طَهُرَتْ فَطَلِّقْ عِنْدَ ذَلِكَ أَوْ أَمْسِكْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ لَوْ طَلَّقْتُهَا ثَلَاثًا أَكَانَ يَحِلُّ لِي أَنْ أُرَاجِعَهَا؟ فَقَالَ لَا، كَانَتْ تَبِينُ مِنْكَ وَكَانَتْ مَعْصِيَةً» أَعَلَّهُ الْبَيْهَقِيُّ بِالْخُرَاسَانِيِّ قَالَ: أَتَى بِزِيَادَاتٍ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا يُقْبَلُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ.
وَرُدَّ بِأَنَّهُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ زُرَيْقٍ سَنَدًا وَمَتْنًا. وَقَدْ صَرَّحَ الْحَسَنُ بِسَمَاعِهِ مِنْ ابْنِ عُمَرَ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ. وَقِيلَ لِأَبِي زُرْعَةَ الْحَسَنُ لَقِيَ ابْنَ عُمَرَ؟ قَالَ نَعَمْ.
وَأَمَّا إعْلَال عَبْدِ الْحَقِّ إيَّاهُ بِمُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ فَلَيْسَ بِذَاكَ، وَلَمْ يُعِلَّهُ الْبَيْهَقِيُّ إلَّا بِالْخُرَاسَانِيِّ، وَقَدْ ظَهَرَتْ مُتَابَعَتُهُ،؛ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ يُدَارُ عَلَى دَلِيلِ الْحَاجَةِ لِخَفَائِهَا؛ لِأَنَّهَا بَاطِنَةٌ، وَدَلِيلُهَا الْإِقْدَامُ عَلَى طَلَاقِهَا فِي زَمَنِ تَجَدُّدِ الرَّغْبَةِ، وَقَدْ تَكُونُ الْحَاجَةُ مَاسَةٌ إلَى تَرْكِهَا أَلْبَتَّةَ لِرُسُوخِ الْأَخْلَاقِ الْمُتَبَايِنَةِ وَمُوجِبَاتِ الْمُنَافَرَةِ فَلَا تُفِيدُ رَجْعَتَهَا فَيَحْتَاجُ إلَى فِطَامِ النَّفْسِ عَنْهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُعْقِبُ النَّدَمَ وَالنَّفْسُ تُلِحُّ لِحُسْنِ الظَّاهِرِ، وَطَرِيقُ إعْطَاءِ هَذِهِ الْحَاجَةِ مُقْتَضَاهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute