وَإِنْ شَدَّهَا عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ) لِأَنَّهُ ﵊ فَعَلَهُ وَأَمَرَ عَلِيًّا بِهِ، وَلِأَنَّ الْحَرَجَ فِيهِ فَوْقَ الْحَرَجِ فِي نَزْعِ الْخُفِّ فَكَانَ أَوْلَى بِشَرْعِ الْمَسْحِ، وَيَكْتَفِي بِالْمَسْحِ عَلَى أَكْثَرِهَا ذَكَرَهُ الْحَسَنُ ﵁،
فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ «أَنَّهُ ﵊ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» وَإِلَّا فَقَدْ نُقِلَ تَضْعِيفُهُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَابْنِ مَهْدِي وَمُسْلِمٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: كُلٌّ مِنْهُمْ لَوْ انْفَرَدَ قُدِّمَ عَلَى التِّرْمِذِيِّ مَعَ أَنَّ الْجَرْحَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْدِيلِ وَوَقَعَ عِنْدَهُمَا أَنَّهُ يُمْكِنُ تَحْقِيقُ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهِ بِلَا نَعْلٍ مَعَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَتَحَقَّقَ كَذَلِكَ، فَتَخْصِيصُ الْجَوَازِ بِوُجُودِ النَّعْلِ حِينَئِذٍ قَصْرٌ لِلدَّلِيلِ، أَعْنِي الْحَدِيثَ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى مُقْتَضَاهُ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَلِذَا رَجَعَ الْإِمَامُ إلَى قَوْلِهِمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ فَعَلَهُ وَأَمَرَ عَلِيًّا بِهِ) أَمَّا فَعَلَهُ فَرِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْجَبَائِرِ» وَضَعَّفَهُ بِأَبِي عُمَارَةَ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: وَلَا يَصِحُّ هَذَا، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ الْمَسْحُ عَلَى الْعِصَابَةِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَسَاقَ بِسَنَدِهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَوَضَّأَ وَكَفُّهُ مَعْصُوبَةٌ فَمَسَحَ عَلَيْهَا وَعَلَى الْعِصَابَةِ وَغَسَلَ سِوَى ذَلِكَ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَافِظُ: هُوَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ صَحِيحٌ، وَالْمَوْقُوفُ فِي هَذَا كَالْمَرْفُوعِ لِأَنَّ الْأَبْدَالَ لَا تُنْصَبُ بِالرَّأْيِ، وَأَمَّا أَمْرُهُ عَلِيًّا بِهِ فَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ «عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ انْكَسَرَتْ إحْدَى زَنْدَيَّ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَمْسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ» فِي إسْنَادِهِ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ مَتْرُوكٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ.
قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: انْكَسَرَتْ إحْدَى زَنْدَيِّ عَلِيٍّ صَوَابُهُ كُسِرَ أَحَدُ زَنْدَيْهِ لِأَنَّ الزَّنْدَ مُذَكَّرٌ وَالزَّنْدَانِ عَظْمًا السَّاعِدِ. ثُمَّ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الْمَسْحِ، فَقِيلَ وَاجِبٌ عِنْدَهُمَا مُسْتَحَبٌّ عِنْدَهُ لِأَنَّ الْعُذْرَ أَسْقَطَ وَظِيفَةَ الْمَحِلِّ، وَقِيلَ وَاجِبٌ عِنْدَهُ فَرْضٌ عِنْدَهُمَا لِانْتِقَالِ الْوَظِيفَةِ إلَى الْحَائِلِ.
وَلَهُ أَنَّ النَّصَّ أَوْجَبَهَا فِي مَحِلٍّ فَلَا تَجُوزُ فِي آخَرَ إلَّا بِنَصٍّ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ بِمِثْلِهِ كَخَبَرِ مَسْحِ الْخُفِّ وَلَيْسَ ذَاكَ فِي مَسْحِ الْجَبِيرَةِ فَاعْتُبِرْنَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute