(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ). قَالَ ﵁: هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ آخِرًا. وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا تَطْلُقُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً، ذَكَرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا شَيْءَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ.
وَلَوْ كَانَ الْمَذْكُورُ هَاهُنَا قَوْلَ الْكُلِّ فَعَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ،
دُونَهُ، وَلِهَذَا مَلَكَ هُوَ التَّزَوُّجَ بِالْكِتَابِيَّةِ وَلَمْ تَمْلِكْهُ هِيَ بِالْكِتَابِيِّ وَالنَّفَقَةُ بَدَلُ احْتِبَاسِهِ إيَّاهَا.
وَالْحِلُّ الَّذِي يَثْبُتُ لَهَا تَبَعٌ لِلْحِلِّ الَّذِي يَثْبُتُ لَهُ، فَإِنَّهُ لَمَّا مَلَكَ الْوَطْءَ وَجَبَ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ حِلُّ اسْتِمْتَاعِهَا بِهِ، وَلَيْسَ الْحِلُّ هُوَ الْقَيْدُ الَّذِي هُوَ مَوْرِدُ الطَّلَاقِ، بَلْ الْحِلُّ أَثَرُهُ حَسَبَ مَا حَقَّقْنَاهُ فِي بَابِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ الْمَنْعُ الشَّرْعِيُّ إلَخْ، وَالثَّابِتُ أَثَرُ النِّكَاحِ وَيَرْجِعُ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الثَّابِتَ تَبَعًا هَلْ يَكُونُ مَحِلًّا لِلطَّلَاقِ، بِخِلَافِ الْإِبَانَةِ لِأَنَّهَا أَيْ لَفْظَهَا مَوْضُوعٌ لِإِزَالَةِ الْوَصْلَةِ وَوَصْلَةُ النِّكَاحِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا فَصَحَّتْ إضَافَتُهَا إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَامِلَةً بِحَقِيقَتِهَا، وَبِخِلَافِ التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ لِإِزَالَةِ الْحِلِّ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ فَصَحَّ كَذَلِكَ عَامِلًا بِحَقِيقَتِهِ، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْكِنَايَاتِ.
وَأَمَّا حَجْرُهُ عَنْ أُخْتِهَا وَخَامِسَةٍ فَلَيْسَ مُوجِبَ نِكَاحِهَا بَلْ حَجْرٌ شَرْعِيٌّ ثَابِتٌ ابْتِدَاءً عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَخَمْسٍ لَا حُكْمًا لِلنِّكَاحِ، وَلِهَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا مَعَ أُخْتِهَا مَعًا أَوْ ضَمَّ خَمْسًا مَعًا لَا يَجُوزُ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ) وَكَذَا طَالِقٌ أَوْ غَيْرُ طَالِقٍ وَطَالِقٌ أَوْ لَا، وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ آخِرًا. وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا تَطْلُقُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً، كَذَا ذَكَرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ الْمَبْسُوطِ فِيمَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا شَيْءَ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ لَا شَيْءَ إنَّمَا لَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَطْلُقُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا طَالِقٌ وَوَاحِدَةٌ أَوْ لَا وَاحِدَةَ أَوْ لَا شَيْءَ، وَخَصَّ الْخِلَافَ فِي الْأَصْلِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ لَكِنَّ صَاحِبَ الْأَجْنَاسِ نَقَلَ ذِكْرَهُ مَعَهُ فِي الْجُرْجَانِيَّاتِ، وَلَوْ كَانَ الْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلَ الْكُلِّ بِسَبَبِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute