للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : لَا تَكُونُ الْكُدْرَةُ حَيْضًا إلَّا بَعْدَ الدَّمِ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ الرَّحِمِ لَتَأَخَّرَ خُرُوجُ الْكَدِرِ عَنْ الصَّافِي. وَلَهُمَا مَا رَوَى أَنَّ عَائِشَةَ جَعَلَتْ مَا سِوَى الْبَيَاضِ الْخَالِصِ حَيْضًا وَهَذَا لَا يُعْرَفُ إلَّا سَمَاعًا

فِي الشَّرْعِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ أَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَمْ نَعْلَمْ فِيهِ حَدِيثًا حَسَنًا وَلَا ضَعِيفًا، وَإِنَّمَا تَمَسَّكُوا فِيهِ بِمَا رَوَوْهُ عَنْهُ قَالَ فِي صِفَةِ النِّسَاءِ «تَمْكُثُ إحْدَاكُنَّ شَطْرَ عُمْرِهَا لَا تُصَلِّي» وَهُوَ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَا نَذْكُرُ، لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: هَذَا حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ

(قَوْلُهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ) رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ مَوْلَاةِ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إلَى عَائِشَةَ بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ يَسْأَلْنَهَا عَنْ الصَّلَاةِ فَتَقُولُ لَهُنَّ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ، تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضِ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا. وَالْقَصَّةُ الْبَيْضَاءُ: بَيَاضٌ يَمْتَدُّ كَالْخَيْطِ. وَاسْتِدْلَالُ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا أَوْلَى مِمَّا قِيلَ إنَّ مِنْ خَاصِّيَّةِ الطَّبِيعَةِ دَفْعَ الْكَدْرِ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ خَرَجَتْ عَقِيبَ الصَّافِي لَا يَكُونُ حَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يُجَابُ بِأَنَّهَا إذَا خَرَجَتْ بَعْدَ الصَّافِي يَكُونُ حَيْضًا بِنَاءً عَلَى الْحُكْمِ بِأَنَّهَا حَدَثَتْ الْآنَ لَا أَنَّهَا كَانَتْ مُتَحَصِّلَةً فِي الرَّحِمِ مِنْ ابْتِدَاءِ رُؤْيَةِ الْحَيْضِ وَإِلَّا لَخَرَجَتْ قَبْلَ هَذَا. وَمُقْتَضَى هَذَا الْمَرْوِيِّ أَنَّ مُجَرَّدَ الِانْقِطَاعِ دُونَ رُؤْيَةِ الْقَصَّةِ لَا تَجِبُ مَعَهُ أَحْكَامُ الطَّاهِرَاتِ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيمَا يَأْتِي كُلُّهُ بِلَفْظِ الِانْقِطَاعِ حَيْثُ يَقُولُونَ وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا فَكَذَا وَإِذَا انْقَطَعَ فَكَذَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ انْقِطَاعٌ بِجَفَافٍ مِنْ وَقْتٍ إلَى وَقْتٍ ثُمَّ تَرَى الْقَصَّةَ، فَإِنْ كَانَتْ الْغَايَةُ الْقَصَّةَ لَمْ تَجِبْ تِلْكَ الصَّلَاةُ، وَإِنْ كَانَ الِانْقِطَاعُ عَنْ سَائِرِ الْأَلْوَانِ وَجَبَتْ، وَأَنَا مُتَرَدِّدٌ فِيمَا هُوَ الْحُكْمُ عِنْدَهُمْ بِالنَّظَرِ إلَى دَلِيلِهِمْ وَعِبَارَتِهِمْ فِي إعْطَاءِ الْأَحْكَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَرَأَيْت فِي الْمَرْوِيِّ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ رَيْطَةَ مَوْلَاةِ عُمْرَةَ عَنْ عُمْرَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ لِلنِّسَاءِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>