للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إنْ كَانَتْ تَسْمَعُ يُعْتَبَرُ مَجْلِسُهَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَسْمَعُ فَمَجْلِسُ عِلْمِهَا وَبُلُوغِ الْخَبَرِ إلَيْهَا لِأَنَّ هَذَا تَمْلِيكٌ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَجْلِسُهُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ لَازِمٌ فِي حَقِّهِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مَحْضٌ لَا يَشُوبُهُ التَّعْلِيقُ، وَإِذَا اُعْتُبِرَ مَجْلِسُهَا فَالْمَجْلِسُ تَارَةً يَتَبَدَّلُ بِالتَّحَوُّلِ

فَصْلِ الِاخْتِيَارِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ هُنَاكَ هُوَ أَنَّ التَّمْلِيكَ يَسْتَدْعِي جَوَابًا فِي الْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ، وَاسْتَدَلَّ هُنَا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ بِرَأْيِ نَفْسِهِ.

وَالْوَجْهُ الْمَشْهُورُ فِيهِ قَوْلُهُمْ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ، وَإِلَّا فَالْوَكِيلُ يَتَصَرَّفُ بِرَأْيِ نَفْسِهِ، وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ التَّفْوِيضَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ تَمْلِيكٌ وَهُوَ لَا يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ، وَسَنُحَقِّقُ مَا ذُكِرَ فِي ذَلِكَ لِيَنْدَفِعَ الْوَكِيلُ فِي الْمَشِيئَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدَّمْنَا مَا فِي قَوْلِهِ يَسْتَدْعِي جَوَابًا فِي الْمَجْلِسِ، فَالصَّوَابُ إسْنَادُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْمَجْلِسِ إلَى إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ حَيْثُ قَالُوا لَهَا فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ كَانَتْ تَسْمَعُ) أَيْ تَسْمَعُ لَفْظَهُ بِالتَّخْيِيرِ (اُعْتُبِرَ مَجْلِسُهَا ذَلِكَ) أَيْ مَجْلِسُ سَمَاعِهَا (وَإِنْ كَانَتْ لَا تَسْمَعُ فَمَجْلِسُ عِلْمِهَا) عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ (لِأَنَّ هَذَا تَمْلِيكٌ يُفِيدُ مَعْنَى التَّعْلِيقِ) أَمَّا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ فَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا عَامِلَةٌ لِنَفْسِهَا، وَأَمَّا أَنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَلِأَنَّ الْإِيقَاعَ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ إلَّا أَنَّ الْوُقُوعَ مُضَافٌ إلَى مَعْنًى مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ طَلَّقْت نَفْسَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيَثْبُتُ لِلتَّفْوِيضِ أَحْكَامٌ تَتَرَتَّبُ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ وَأَحْكَامٌ عَلَى جِهَةِ التَّعْلِيقِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّهَا مِمَّا يُمْكِنُ تَرَتُّبُهَا عَلَى التَّمْلِيكِ، فَصِحَّةُ التَّوْقِيتِ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ إلْحَاقَهُ بِالْعَارِيَّةِ أَقْرَبُ.

ثُمَّ مِنْ صُوَرِ التَّوْقِيتِ مَا يُوجِبُ التَّوَقُّفَ عَلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ كَأَنْ يَقُولَ: أَمْرُك بِيَدِك شَهْرًا أَوْ جُمُعَةً فَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِ التَّفْوِيضِ وَلَيْسَ هَذَا التَّوَقُّفُ سِوَى امْتِدَادِ الْمِلْكِ الَّذِي تَحَقَّقَ فِي الْحَالِ، وَكَذَا عَدَمُ صِحَّةِ الرَّدِّ بَعْدَ سُكُوتِهِ أَوَّلَ الْأَمْرِ بِنَاءً عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ الثَّابِتِ بِالتَّمْلِيكِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ، وَأَمَّا اقْتِصَارُهُ عَلَى الْمَجْلِسِ فِي التَّفْوِيضِ الْمُطْلَقِ فَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ وَهُوَ يَسْتَدْعِي جَوَابًا فِي الْمَجْلِسِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْجَوَابَ الَّذِي يَسْتَدْعِيه التَّمْلِيكُ فِي الْمَجْلِسِ الْقَبُولُ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، بَلْ امْتِدَادُهُ فِي تَمَامِ الْمَجْلِسِ أَثَرُ الْمِلْكِ وَارْتِفَاعُهُ بَعْدَهُ، وَنَفْسُ اقْتِصَارِهِ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>