للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ) لِأَنَّ الطَّوَافَ فِي الْمَسْجِدِ

(وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾

عَلَى إرَادَةِ مَكَانِ الصَّلَاةِ بِلَفْظِ الصَّلَاةِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ أَوْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَلَا مُوجِبَ لِلْعُدُولِ عَنْ الظَّاهِرِ إلَّا تَوَهُّمُ لُزُومِ جَوَازِ الصَّلَاةِ جُنُبًا حَالَ كَوْنِهِ عَابِرَ سَبِيلٍ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَنْعِ الْمُغْيَا بِالِاغْتِسَالِ، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لِوُجُوبِ الْحُكْمِ بِأَنَّ الْمُرَادَ جَوَازُهَا حَالَ كَوْنِهِ عَابِرَ سَبِيلٍ: أَيْ مُسَافِرًا بِالتَّيَمُّمِ لِأَنَّ مُؤَدَّى التَّرْكِيبِ لَا تَقْرَبُوهَا جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إلَّا حَالَ عُبُورِ السَّبِيلِ فَلَكُمْ أَنْ تَقْرَبُوهَا بِغَيْرِ اغْتِسَالٍ، وَبِالتَّيَمُّمِ يَصْدُقُ أَنَّهُ بِغَيْرِ اغْتِسَالٍ. نَعَمْ يَقْتَضِي ظَاهِرُ الِاسْتِثْنَاءِ إطْلَاقُ الْقُرْبَانِ حَالَ الْعُبُورِ، لَكِنْ يَثْبُتُ اشْتِرَاطُ التَّيَمُّمِ فِيهِ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَلَيْسَ هَذَا بِبِدْعٍ، وَعَلَى هَذَا فَالْآيَةُ دَلِيلُهُمَا عَلَى مَنْعِ التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ الْمُقِيمِ فِي الْمِصْرِ ظَاهِرًا. وَجَوَابُهُ أَنَّهُ خَصَّ حَالَةَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ فِي الْمِصْرِ مِنْ مَنْعِهَا كَمَا أَنَّهَا مُطْلَقَةٌ فِي الْمَرِيضِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى تَخْصِيصِ حَالَةِ الْقُدْرَةِ حَتَّى لَا يَتَيَمَّمَ الْمَرِيضُ الْقَادِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَهَذَا لِلْعِلْمِ بِأَنَّ شَرْعِيَّتَهُ لِلْحَاجَةِ إلَى الطَّهَارَةِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَاءِ، فَإِذَا تَحَقَّقَ فِي الْمِصْرِ جَازَ، وَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِي الْمَرِيضِ لَا يَجُوزُ. فَإِنْ قِيلَ: فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ حِينَئِذٍ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثُ وَأَنْتُمْ تَأْبَوْنَهُ. قُلْنَا قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مُحَصَّلَهَا لَا تَقْرَبُوهَا جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ فَاقْرَبُوهَا بِلَا اغْتِسَالٍ بِالتَّيَمُّمِ، لَا أَنَّ الْمَعْنَى فَاقْرَبُوهَا جُنُبًا بِلَا اغْتِسَالٍ بِالتَّيَمُّمِ بَلْ بِلَا اغْتِسَالٍ بِالتَّيَمُّمِ، فَالرَّفْعُ وَعَدَمُهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ، ثُمَّ اُسْتُفِيدَ كَوْنُهُ رَافِعًا مِنْ خَارِجٍ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ

(قَوْلُهُ وَلَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ) لِأَنَّهُ فِي الْمَسْجِدِ فَيَحْرُمُ، وَلَوْ فَعَلَتْهُ الْحَائِضُ كَانَتْ عَاصِيَةً مُعَاقَبَةً وَتَتَحَلَّلُ بِهِ مِنْ إحْرَامِهَا لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَعَلَيْهَا بَدَنَةٌ كَطَوَافِ الْجُنُبِ، هَذَا وَالْأَوْلَى عَدَمُ الِاقْتِصَارِ عَلَى التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، فَإِنَّ حُرْمَةَ الطَّوَافِ جُنُبًا لَيْسَ مَنْظُورًا فِيهِ إلَى دُخُولِ الْمَسْجِدِ بِالذَّاتِ، بَلْ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ وَاجِبَةٌ فِي الطَّوَافِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مَسْجِدٍ حَرُمَ عَلَيْهَا الطَّوَافُ

(قَوْلُهُ وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا) وَلَوْ أَتَاهَا مُسْتَحِلًّا كَفَرَ أَوْ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ أَتَى كَبِيرَةً وَوَجَبَتْ التَّوْبَةُ وَيَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِهِ اسْتِحْبَابًا، وَقِيلَ بِدِينَارٍ إنْ كَانَ أَوَّلَ الْحَيْضِ وَبِنِصْفِهِ إنْ وَطِئَ فِي آخِرِهِ كَأَنَّ قَائِلَهُ رَأَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ، وَكَذَا هَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَتْ حِضْت فَكَذَّبَهَا لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ لَا يَعْمَلُ بَلْ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِإِخْبَارِهَا، وَأَمَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا بِغَيْرِ الْجِمَاعِ فَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا تَحْتَ الْإِزَارِ، وَمَذْهَبُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَأَحْمَدَ لَا يَحْرُمُ مَا سِوَى الْفَرْجِ لِمَا أَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ مِنْهُمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبُيُوتِ، فَسَأَلْتِ الصَّحَابَةُ رَسُولَ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾ فَقَالَ النَّبِيُّ : «اصْنَعُوا كُلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>