للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَاءٌ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِالْمَشِيئَةِ كَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ عَنْ مَشِيئَتِهِ فَصَارَ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا قِيلَ لَهُ: بِعْهُ إنْ شِئْت. وَلَنَا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْمَشِيئَةِ وَالْمَالِكُ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ عَنْ مَشِيئَتِهِ،

ذِكْرِ مَشِيئَةٍ (سَوَاءٌ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِالْمَشِيئَةِ كَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ) وَكِيلًا كَانَ أَوْ مَالِكًا (يَتَصَرَّفُ عَنْ مَشِيئَتِهِ) فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ: بِعْ عَبْدِي هَذَا إنْ شِئْت لَا يَقْتَصِرُ وَلَهُ الرُّجُوعُ.

أُجِيبَ بِأَنْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَشِيئَةِ الَّتِي بِمَعْنَى عَدَمِ الْجَبْرِ بَلْ فِي أَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ لَهُ الْمَشِيئَةَ لَفْظًا صَارَ مُوجِبُ اللَّفْظِ التَّمْلِيكَ لَا التَّوْكِيلَ، لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَكِيلِ لِغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ عَنْ مَشِيئَةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَإِنْ كَانَ امْتِثَالُهُ بِمَشِيئَةِ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ بِمَشِيئَةِ نَفْسِهِ ابْتِدَاءً غَيْرَ مُعْتَبِرٍ ذَلِكَ امْتِثَالًا، فَإِذَا صَرَّحَ لَهُ الْمَالِكُ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمَشِيئَتِهِ كَانَ ذَلِكَ تَمْلِيكًا فَيَسْتَلْزِمُ حُكْمَ التَّمْلِيكِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ فَيَلْغُو وَصْفُ التَّمْلِيكِ وَيَبْقَى الْإِذْنُ وَالتَّصَرُّفُ بِمُقْتَضَى مُجَرَّدِ الْإِذْنِ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ.

قِيلَ: فِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ لَيْسَ بِمُعَلَّقٍ بِالْمَشِيئَةِ بَلْ الْمُعَلَّقُ فِيهِ الْوَكَالَةُ بِالْبَيْعِ وَهِيَ تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، وَكَأَنَّهُ اعْتَبَرَ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ بِنَفْسِ الْبَيْعِ وَهَذَا غَلَطٌ يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ. وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ هُوَ قَوْلُهُ بِعْ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ كَوْنُ نَفْسِ قَوْلِهِ مُعَلَّقًا بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ بَلْ وَقَدْ تَحَقَّقَ وَفَرَغَ مِنْهُ قَبْلَ مَشِيئَةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَلَمْ يَبْقَ لِذَلِكَ الْغَيْرِ سِوَى فِعْلِ مُتَعَلَّقِ التَّوْكِيلِ أَوْ عَدَمِ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ. وَإِلَى هُنَا تَمَّ مِنْ الْمُصَنِّفِ إنَاطَةُ وَصْفِ التَّمْلِيكِ مَرَّةً بِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِرَأْيِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَمَرَّةً بِأَنَّهُ عَامِلٌ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِهِ، وَمَرَّةً بِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِمَشِيئَةِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ الرَّأْيُ وَالْمَشِيئَةُ وَاحِدًا، فَإِنَّ الْعَمَلَ بِالرَّأْيِ الْعَمَلُ بِمَا يَرَاهُ أَصْوَبَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤْخَذَ فِي مَفْهُومِهِ كَوْنُهُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَالْعَمَلُ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِهِ لِغَيْرِهِ وَبِمَشِيئَتِهِ أَيْ بِاخْتِيَارِهِ ابْتِدَاءً بِلَا اعْتِبَارِهِ عَلَى مُطَابَقَةِ أَمْرِ آمِرٍ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مَعْنَى الْأَصْوَبِيَّةِ فِي مُتَعَلِّقِهَا بَلْ هِيَ وَالْإِرَادَةُ يُخَصَّصَانِ الشَّيْءَ بِوَقْتِ وُجُودِهِ، وَالْأَوَّلُ نَقَضْنَاهُ بِالْوَكَالَةِ، وَهُوَ مُنْدَفِعٌ بِأَنَّ الْعَامِلَ بِرَأْيِهِ هُوَ الَّذِي لَا يَغْلِبُهُ عَلَى رَأْيِهِ مَا يُقَيِّدُهُ فِي فِعْلٍ وَلَا تَرْكٍ، وَالْوَكِيلُ وَإِنْ كَانَ بِوَكَالَةٍ عَامَّةٍ مُطْلَقَةٍ مَعَهُ مَا يَغْلِبُهُ فِي جَانِبِ التَّرْكِ وَهُوَ لُزُومُ خُلْفِ الْوَعْدِ الثَّابِتِ ضِمْنَ رِضَاهُ بِالتَّوْكِيلِ إذَا لَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ فَرَضِيَ كَانَ وَاعِدًا بِفِعْلِ مَا اسْتَعَانَ بِهِ فِيهِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ أَخْلَفَ الْوَعْدَ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا لَا تُعَدُّ مُخْلِفَةً بِتَرْكِ الطَّلَاقِ إذَا لَمْ يَقْسِرْهَا عَلَيْهِ قَاسِرٌ شَرْعِيٌّ، فَظَهَرَ أَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ عَامِلًا بِرَأْيِ نَفْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>